ويحك أما إذا سألتني فافهم عني ولا عليك إلا تسأل عنها أحدا بعدي، أما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا وذلك الحق عن أمر الله عز وجل وعن أمر رسوله.
وأهل الفرقة المخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا، وأما أهل السنة المتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وإن قلوا.
وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ولرسوله والعاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج وعلى الله قصمها واستيصالها عن جدد الأرض، فقام إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس يذكرون الفيئ ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وولده فيء، فقام إليه رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس وكان ذا عارضة ولسان شديد فقال: يا أمير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية، فقال: ولم؟ ويحك، قال: لأنك قسمت ما في العسكر وتركت النساء والأموال والذرية، فقال: أيها الناس من كانت به جراحة فليداويها بالسمن، فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف، فقيل من غلام ثقيف؟ فقال: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها، فقيل: أفيموت أو يقتل؟
فقال: يقصمه قاصم الجبارين بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجري من بطنه.
يا أخا بكر أنت امرئ ضعيف الرأي أوما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير وإن الأموال كانت لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رشدة وولدوا عن فطرة وإنما لكم ما حوى عسكرهم وما كان في دورهم فهو ميراث، فإن عدا أحد منهم أخذناه بذنبه وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره، يا أخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة فقسم ما حوى العسكر ولم يتعرض لما سوى ذلك وإنما اتبعت أثره حذوا النعل بالنعل، يا أخا بكر أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها وإن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق، فمهلا مهلا رحمكم الله فإن لم تصدقوني وأكثرتم علي وذلك إنه تكلم في هذا غير واحد فأيكم يأخذ عائشة بسهمه؟
فقالوا: يا أمير المؤمنين، أصبت وأخطأنا وعلمت وجهلنا فنحن نستغفر الله تعالى، ونادى الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك الرشاد والسداد، فقام عباد فقال: أيها الناس إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لن يضل بكم عن منهل نبيكم (صلى الله عليه وآله) حتى قيس شعره وكيف لا يكون ذلك وقد استودعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) علم المنايا والقضايا وفصل الخطاب على منهج هارون (عليه السلام) وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فضلا خصه الله به وإكراما منه لنبيه (صلى الله عليه وآله)