حيث أعطاه ما لم يعطه أحدا من خلقه، ثم قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) انظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له فإن العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس الأخس فإني حاملكم إن شاء الله إن أطعتموني على سبيل النجاة وإن كان فيه مشقة شديدة ومزازة عتيدة، والدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها من الشقوة والندامة عما قليل، ثم إني أخبركم إن جيلا من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من النهر فلجوا في ترك أمره، فشربوا منه إلا قليلا منهم فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم، وأما عائشة فأدركها رأي النساء ولها بعد ذلك حرمتها الأولى والحساب على الله يعفو عن من يشاء ويعذب من يشاء. (1) الخامس والستون: الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) قال: لقد رامت الفجرة ليلة العقبة قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على العقبة، ورام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فما قدروا مغالبة ربهم حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) لما فخم من أمره وعظم من شأنه، من ذلك أنه لما خرج من المدينة وقد كان خلفه عليها وقال له: إن جبرائيل (عليه السلام) أتاني وقال لي: يا محمد إن العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك يا محمد أما أنت تخرج وتقيم علي أو تقيم أنت ويخرج علي لا بد من ذلك، فإن علي قد ندبته لإحدى اثنتين لا يعلم أحد كنه جلال من أطاعني فيهما وعظيم ثوابه غيري فلما خلفه قال: أكثر المنافقين ملة وسئمه وكره صحبته، فتبعه علي (عليه السلام) حتى لحقه، وقد وجد غما شديدا مما قالوا فيه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أشخصك من كرمك، قال: بلغني عن الناس كذا وكذا، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فانصرف علي إلى موضعه وذكر قصة العقبة إلى أخرها، والأربعة والعشرين الذين أرادوا التدبير على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيها وخلصه الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وتأييده لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
السادس والستون: الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: ولقد اتخذ المنافقون من أمة محمد بعد موت سعد بن معاد، وبعد انطلاق محمد (صلى الله عليه وآله) إلى تبوك أبا عامر الراهب أميرا ورئيسا وبايعوا له، وتواطؤوا على إنهاب المدينة وسبي ذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسائر أهله وصحابته، ودبروا التبييت على محمد ليقتلوه في طريقه إلى تبوك، فأحسن الله الدفاع عن محمد (صلى الله عليه وآله) وفضح المنافقين وأخزاهم، وذكر قصة أبي عامر الراهب والمنافقين الذين معه من بناء مسجد ضرار لأبي عامر الراهب وما أرادوا به من كيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما دبروا فيه إلى أن قال (عليه السلام) في