لتألمهم، ونطلع على أحوالهم، فهم معنا لا يفارقونا (1)، لأن مرجع العبد إلى سيده ومعوله على مولاه، فهم يهجرون من عادانا، ويجهرون بمدح من والانا.
وصدق ما دللت عليه ما أورده ابن طاووس في كتاب مهج الدعوات، حكاية عن خليفة الله قائم آل محمد وخاتمهم ما هذا معناه، قال: ولقد سمعته سحرا بسر من رأى يدعو فيقول من خلف الحائط: اللهم أحي شيعتنا في دولتنا، وأبقهم في ملكنا ومملكتنا، وإن كان شيعتهم منهم وإليهم وعنايتهم مصروفة إليهم، فكأنه عليه السلام قال: اللهم إن شيعتنا منا ومضافين إلينا، وأنهم قد أساءوا وقصروا وأخطأوا في العمل، وإنا حبا لهم حبا منهم، قد تقبلنا عنهم ذنوبهم، وتحملنا خطاياهم، لأن معولهم علينا ورجوعهم إلينا، فصرنا لاختصاصهم بنا واتكالهم علينا كأنا نحن أصحاب الذنوب، إذ العبد مضاف إلى سيده، ومعول المماليك على مواليهم، وملاذ شيعتنا إلينا ومعولهم علينا، اللهم فاغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا، وطمعا في ولايتنا، وتعويلا على شفاعتنا، ولا تفضحهم بالسيئات عند أعدائنا، وولنا أمرهم في الآخرة كما وليتنا أمرهم في الدنيا، وإن أحبطت السيئات أعمالهم فتفضل موازيهم بولايتنا وارفع درجاتهم بمحبتنا، وهذا خيره كثير للمؤمن الموقن المصدق بأسرارهم (2).
ولو لم يكن في كتابي هذا غير هذا لكفاك أن امتلأت من درر الاعتقاد كفاك، وإلا وراك، فإن الشيطان يطلع على قلب المؤمن في كل يوم 320 مرة بالوسواس والإضلال، فجعل الله شبها من نور الولاية رجوما للشياطين بعدد تلك النظرات، ليمحو من قلبه ما ران الشيطان، لأن من خالجته الشكوك في قلبه، ووطئته الشياطين بمناسمها، أيها المنكر لفضائل علي، إلى متى تلبس من الشك المنسوج على الجسد الممسوخ، والروح المفسوخ، وحتى متى كلما طبت ظنيت، وكلما بصرت عميت، كلما رويت عطشت، أما رأيت ملكا اختار عبدا من عبيده وقائمته على سره وولاه أمره، وقربه نجيا وألبسه خلعة صفاته ورفعه على سائر مخلوقاته وسلم إليه قلم العدل ودفتر البذل، وسيف القهر وزمام الأمر، وأمره على جميع مخلوقاته وإنه أعلم حيث يجعل رسالاته فقام بالسياسة والعدل والعصمة والبذل، يفعل ما يريد الرب، ويريد الرب ما يفعل، لأنه موضع أمره ويده الباسطة