فصل (ليس كمثله شئ) أما قوله: ليس كمثله شئ، فحق لأن الإله الحق لا مثل له لأنه مسلوب عنه الأضداد والأنداد، وقوله: (بل يداه مبسوطتان) فذلك أيضا حق لأنه أراد القدرة والرزق وعبر عنهما باليد، لأن البسط يليق باليد والقدرة أيضا. فلفظ اليد هنا استعارة لأن قدرته ورزقه لم يزل ولا يزال، فله الأيادي على سائر خلقه والأنعام، وأما عند الباطن فاليدان المبسوطتان محمد وعلي، وهما النعمة والقدرة نعمة النبوة وقدرة الولاية، ومن ذلك قوله: ﴿وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة﴾ (١)، وقوله: ﴿لا تدركه الأبصار﴾ (٢)، فالذي لا تدركه الأبصار كيف تراه الوجوه؟ والذي لا تراه الوجوه، كيف لا تدركه الأبصار؟ هذا نفي وإثبات، والنفي والإثبات لا يجتمعان.
ومن ذلك قوله خطابا لسيد المرسلين: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (﴿ويطهركم تطهيرا﴾ (4)، فالذي له ذنب من أين له طهارة؟ والممدوح في الطهارة بالصدر من أين له ذنب. أما قوله يطهركم تطهيرا فحق، لأنهم خلقوا من نور الجلال، واختصوا بالعصمة والكمال، فالمعصوم الكامل من أين له ذنب؟
أما مثل هذا في الدعوات، فمنه قول زين العابدين عليه السلام وهو سيد من عبد وابن سيد من عبد من الأولين والآخرين في دعائه: (ربي ظلمت وعصيت وتوانيت) (5)، فإذا كان ظلوما جهولا كيف يكون سيدا معصوما، وهو سيد معصوم فكيف يكون ظلوما جهولا؟
أقول: معنى قوله عليه السلام أنه يقول: ربي إن شيعتنا لما خلقوا من فاضل طينتنا، وعجنوا بماء ولايتنا، رضونا أئمة، ورضينا بهم شيعة، يصيبهم مصابنا، وتنكبهم أوصاتنا ويحزنهم حزننا، ونحن أيضا نتألم