مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٧٤
فلما وقر هذا في سمعه ووعاه لم يحمله عقله، وقال: يقول الله لعلي هنيئا مريئا؟.
أما سمعت ما صرح به القرآن من كلام الرحمن ﴿فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا﴾ (١)، وإذا قال الله لعامة خلقه هنيئا مريئا فكيف تستعظم قوله لوليه وعليه هنيئا مريئا؟
ثم قلت له: أنت في اعتقادك في ولي معادك كمنافق مر في طريق فوافقه مؤمن فذكر عليا فقال المؤمن: صلى الله عليه، فغلظ ذاك المنافق وقال: لا يجوز الصلاة إلا على النبي، فقال له المؤمن: فما تقول في قوله سبحانه ﴿هو الذي يصلي عليكم وملائكته﴾ (2) فهذه الصلاة على من؟ قال: على أمة محمد، فقال المؤمن: فكيف يجوز الصلاة على أمة محمد ولا يجوز الصلاة على آل محمد؟ فبهت الذي كفر.
فانظر أيها المؤمن كيف يستعظم المنافق سجود النبي عند تعظيم الله لعلي، وإليه أشار القرآن بقوله (فما لهم لا يؤمنون) يعني بعلي (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) (3) والألف واللام في الذكر هنا للتخصيص، ومعناه أن كل آية تتضمن اسم محمد وعلي ظاهرا أو باطنا فإنها أعظم ما في القرآن ذكرا، وإذا سجد هناك كان سجوده لله شكرا إذ عرفه أعظم الآيات ذكرا وأعلاها عنده قدرا.

(١) النساء: ٤.
(٢) الأحزاب: ٤٣.
(3) الانشقاق: 21.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 279 280 ... » »»