مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٧٦
صليتم على حبيبي محمد فقد سبحتموني وقدستموني وهللتموني (1).
يؤيد هذا الحديث ما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق رطب، ولا يابس إلا وصلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه (2).
فما لك أيها الهائم مع البهائم كلما أبصرتك زاد عماك؟ وكلما بشرتك زادت عماك؟ وما لي أراك كالبوم يرى الليل نهارا لضعف بصره؟ فهلا كنت كالهدهد يرى الماء من تحت الصخرة لقوة نظره، فلو كنت هدهدا اهتديت.
فصل ومن العجب أنهم يسمون عليا مجهول القدر، وهو تحت مرتبة النبي لأنه نائبه وابن عمه ووزيره وزوج ابنته، لاختلاف العقول في عظمته. فقوم جحدوه وقوم عبدوه وقوم تبعوه، وكلهم ما عرفوه لأن الذين عبدوه كفروا بعبادته، لأن المعبود واجب الوجود هو الله خالق الخلق ولا إله إلا هو، والذين جحدوه أيضا ما عرفوه وكفروا بجحوده، وكيف يجحدون مولاهم ومعناهم ونهج هداهم؟
والذين تبعوه أيضا ما عرفوه إذ لو عرفوه ما ارتابوا في فضله وأنكروه وأنزلوه عن رفيع قدره وصغروه، فهم في معرفته كسائر إلى مرام فخبته الظلام فرأى ضياء قد لاح فيممه فما أدركه حتى طلع الصباح، فهو السر الخفي الذي حارت في وصفه العقول مما يقول:
ماذا أقول وقد جلت مناقبه * عن الصفات وأضحى دونه الشرف هذا الذي جاز عن حد القياس علا * فتاهت الناس في معناه واختلفوا غال وتال وقال عنده وقفوا * وكلهم وصفوا وصفا وما عرفوا أو كما قيل:
هذا هو السر والمعنى الخفي ومن * لولاه ما كانت الدنيا ولا الفلك ولا تكون هذا الكون من عدم * إلى الوجود وهذا المالك الملك هذا الذي ظهرت آياته عجبا * للناس حتى لديه يسجد الملك

(١) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٥٨ ح ٨.
(٢) بحار الأنوار: ٢٧ / 259 ح 9.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 279 280 281 282 ... » »»