مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٧٩
فصل (سبب إخفاء النبي صلى الله عليه وآله للعلم الرباني) في تأويل قول النبي صلى الله عليه وآله: (لا أعلم ما وراء هذا الجدار إلا ما علمني ربي) (1)، وقول علي:
(لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا) (2)، وقوله: (سلوني عن طرق السماوات (3)، سلوني عما دون العرش) (4)، (5).

(١) تقدم الحديث.
(٢) لعله تقدم، وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٧ / ٢٥٣ الخطبة ١١٣ والأنوار النعمانية: ١ / ٢٦، والبحار: ٤٠ / ١٥٣، وكشف الغمة، ١ / ١٧٠.
(٣) نهك البلاغة: ٢٨٠ الخطبة ١٨٩.
(٤) وفي حديث: سلوني عن علم لا يعرفه جبرائيل. نزهة المجالس: ٢ / ١٢٩.
(٥) قد وردت روايات عن آل محمد ص تنص على إخفاء العلوم الصعبة نحو ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام (والله لو أن على أفواههم أوكية لأخبرت كل رجل منهم ما لا يستوحش إلى شئ، ولكن فيكم الإذاعة ه والله بالغ أمره) (بحار الأنوار: ٢٦ / ١٤١ ح ١٣ باب أنه لا يحجب عنهم شئ) وعن الإمام الباقر عليه السلام (لو كان لألسنتكم أوعية لحدثت كل امرء بما له وعليه) (بحار الأنوار:
٢٦
/ ١٤٩ ح ٣٤ باب أنه لا يحجب عنهم شئ) وقال الإمام زين العابدين عليه السلام إني لأكتم من علمني جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين ووصي قبيه الحسنا يا رب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا ولاستحيل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا (الأصول الأصلية: ١٦٧، وغرر البهاء الضوي: ٣١٨ ومشارق أنوار اليقين: ١٧، وجامع الأسرار : ٣٥ ح ٦٦).
وتقدم من المصنف قول الإمام الصادق: (هيهات، والله لو أخبرتك بكنه ذلك لقمت عني وأنت تقول إن جعفر لن محمد كاذب في قوله أو مجنون) وقال عليه السلام: (إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان (الأصول الأصلية: ١٦٩).
وقال عليه السلام: (لا تذيعوا سرنا ولا تحدثوا به عند غير أهله فإن المذيع سرنا أشد علينا من عدونا) (الخرايج والجرايح: ٢٦٧ باب ٧).
وقد بين الإمام العسكري عليه السلام علة عدم إخبار بالأمور الغيبية بقوله لموسى الجوهري (ألسنا قد قلنا لكم لا تسألونا عن علم الغيب، فنخرج ما علمنا منه إليكم، فيسمعه من لا يطيقه استماعه فيكفر) (الهداية الكبرى: ٣٣٤ باب ١٣).
والظروف التي كان يعيشها النبي صلى الله عليه وآله والقليل من الأئمة كانت مختلفة فرسول الله صلى الله عليه وآله كان في بداية الدعوة الإسلامية وقريب عهد بالجاهلية.
وإذا أردنا أن نبرم هذا الكلام فلا بأس بنقل كلام لسماحة الشيخ محمد الحسين المظفر يصلح أن يكون جوابا عن هذا المطلب: قال بعد أن ذكر توقف الرسالة على علم النبي صلى الله عليه وآله بكل الأشياء: فعلم الرسول بالعالم وإحاطته بما يحدث فيه وقدرته على تعميم الإصلاح للداني والقاصي والحاضر والباد، من أسس تلك الرسالة العامة وقاعدة لزومية لتطبيق تلك الشريعة الشاملة.
غير أن الظروف لم تسمح لصاحب هذه الرسالة صلى الله عليه وآله أن يظهر للأمة تلك القوى القدسية والعلم الرباني الفياض. وكيف يعلن بتلك المواهب والإسلام غض جديد، والناس لم تتعرف تعاليم الإسلام الفرعية بعد؟! فكيف تقبل أن يتظاهر بتلك الموهبة العظمى وتطمئن إلى الإيمان بذلك العلم. بل ولم يكن كل قومه الذين انضووا تحت لوائه من ذوي الإيمان الراسخ، وما خضع البعض منهم للسلطة النبوية إلا بعد اللتيا والتي وبعد الترهيب والترغيب) (علم الإمام: 9 - 10).
نعم فقد أفصح النبي صلى الله عليه وآله لخاصة أصحابه عن كنه حقيقته وحقيقة علمه ليس هنا محل ذكرها.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 279 280 281 282 283 284 ... » »»