كما عرفت لجريت كما جريت، فقال له أمير المؤمنين: مكانك، ثم أومأ إلى الماء فجمد ومر عليه. فلما رأى الخيبري ذاك أكب على قدميه وقال: يا فتى ما قلت حتى حولت الماء حجرا؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: فما قلت أنت حتى عبرت على الماء؟ فقال الخيبري: أنا دعوت الله باسمه الأعظم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام وما هو؟ قال: سألته باسم وصي محمد، فقال أمير المؤمنين: أنا وصي محمد، فقال الخيبري: إنه الحق. ثم أسلم. (١) ومن ذلك ما رواه عمار بن ياسر قال: أتيت مولاي يوما فرأى في وجهي كآبة فقال: ما بك؟
فقلت: دين أتى مطالب به، فأشار إلى حجر ملقى وقال: خذ هذا فاقض منه دينك، فقال عمار: إنه الحجر، فقال له أمير المؤمنين: ادع الله بي يحوله لك ذهبا. فقال عمار: فدعوت باسمه فصار الحجر ذهبا فقال لي: خذ منه حاجتك، فقلت: وكيف تلين؟ فقال: يا ضعيف اليقين ادع الله بي حتى تلين فإن باسمي ألان الله الحديد لداود عليه السلام، قال عمار: فدعوت الله باسمه فلأن فأخذت منه حاجتي، ثم قال: ادع الله باسمي حتى يصير باقيه حجرا كما كان (٢).
فصل لعلك أيها الشاك في دينه، المرتاب في يقينه، تقول: كيف صار الحجر ذهبا؟ أما عرفت أن القدرة في يد القادر، والمراد من الأشياء غاياتها وغاية الحجر أن يصير ذهبا، وإنما يطلب الأمر الأعظم بالأعظم والعظيم من العظيم يرجى، وغاية الغايات ونهاية النهايات، وأعظم الأسماء وأقربها إلى حضرة الألوهية محمد وعلي، والولاية مبتدأ النبوة ونهايتها وبها تكمل أيام دولتها، وإليه الإشارة بقوله: ﴿إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي﴾ (3)، لأنه لما اتخذه نبيا لم يطلب ذاك لذريته، ولما ألبسه خلعة الحلة ورفعه إلى رتبة الرسالة لم يطلب ذاك لذريته لعله ينسخ الشرائع وتغيرها، فلما قال له (إني جاعلك للناس إماما) طلب ذاك لذريته، لأن الإمامة لم ينلها نسخ فهي غاية الغايات لأنها ختم الدين ونقطة اليقين، فهي سر السرائر ونور النور والاسم الأعظم، فالدعاء باسم علي يحول التراب تبرا والأحجار جوهرا ودرا، والظلمة نورا، وتجعل في الشجر اليابس ثمرا، ويعيد الأعمى بصيرا.