أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٣٣٢
" اغتسل بماء وسدر " ففعلت ثم عدت إليه، وقلت: يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها.
فقال: " يا قيس، إن مع العز ذلا، وإن مع الحياة موتا، وإن مع الدنيا آخرة، وأن لكل شئ حسيبا، وعلى كل شئ رقيبا، وإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، وإن لكل أجل كتابا.
وإنه - يا قيس - لا بد لك من قرين، يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريما أكرمك، وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تحشر إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، ولا تبعث إلا معه، فلا تجعله إلا صالحا، فإنه [إن] (1) كان صالحا لم تأنس إلا به، وإن كان فاحشا لم تستوحش إلا منه وهو عملك ".
فقال قيس: يا رسول الله، لو نظم هذا شعرا لافتخرنا به على من يلينا من العرب، فقال رجل من أصحابه، يقال له الصلصال (2): قد حضر فيه شئ يا رسول الله، أفتأذن لي بإنشاده، فقال: " نعم " فأنشأ يقول:
تخير قرينا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل فلا بد للإنسان من أن يعده * ليوم ينادي المرء فيه فيقبل فإن كنت مشغولا بشئ فلا تكن * بغير الذي ترضي به الله تشغل فما يصحب الإنسان من بعد موته * ومن قبله إلا الذي كان يعمل ألا إنما الإنسان ضيف لأهله * يقيم قليلا عندهم ثم يرحل (3) وقال العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه، الحسن بن أبي الحسن الديلمي، أعانه الله على طاعته، وتغمده برأفته ورحمته، ممل هذه الأحاديث النبوية في المعنى:
تخير قرينا من فعالك صالحا * يعنك على هول القيامة والقبر ويسعى به نورا لديك ورحمة * تعمك يوم الروع في عرصة الحشر وتأتي به يوم التغابن آمنا * أمانك في يمناك من روعة النشر فما يصحب الإنسان من جل ماله * سوى صالح الأعمال أو خالص البر

١ - أثبتناه من البحار.
٢ - هو الصلصال بن الدلهمس بن جندلة بن المحتجب بن الأعز، أبو الغضنفر، قال ابن حبان: له صحبة، وذكر ابن الجزري ما في المتن من إنشاده الشعر في حضرة رسول الله (ص)، انظر " الإصابة في تمييز الصحابة ٢:
١٩٣، أسد الغابة ٣: ٢٨ ".
3 - البحار 77: 175 عن أعلام الدين.
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»