أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٢٨
يا عيسى، اكحل عينك بميل الحزن إذا ضحك البطالون.
يا عيسى، كن خاشعا صابرا، فطوبى لك إن نالك ما وعد الصابرون.
يا عيسى، رح من الدنيا يوما فيوما، وذق ما قد ذهب طعمه، فحقا أقول ما أنت إلا بساعتك ويومك فرح من الدنيا بالبلغة، وليكفك الخشن الجشب، فقد رأيت إلى ما تصير، وهو مكتوب ما أخذت وكيف أتلفت.
يا عيسى، ابك على نفس في الخلوات، وانقل قدميك إلى مواقيت الصلوات، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري، فإن صنعي إليك حسن.
يا عيسى، كم من أمة قد أهلكتها بسالف ذنوب قد عصمتك منها.
يا عيسى، ارفق بالضعيف، وارفع طرفك الكليل إلى السماء، وادعني فإني قريب، ولا تدعني إلا متضرعا إلي وهمك هم واحد، فإنك متى تدعني كذلك أجبك.
يا عيسى، إني لم أرض بالدنيا ثوابا لمن كان قبلك، ولا عقابا لمن انتقمت منه.
يا عيسى، إنك تفنى، وأنا أبقى، ومني رزقك، وعندي ميقات أجلك، وإلي إيابك وعلي حسابك، فسلني ولا تسل غيري، فيحسن منك الدعاء ومني الإجابة.
يا عيسى، ما أكثر البشر، وأقل عدد من صبر! الأشجار كثيرة وطيبها قليل، فلا تغرنك شجرة حتى تذوق ثمرتها.
يا عيسى، لا يغرنك المتمرد علي بالعصيان، يأكل رزقي ويعبد غيري، ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه، ثم يرجع إلى ما كان عليه، فعلي يتمرد، أم بسخطي يتعرض! فبي حلفت، لآخذنه أخذة ليس له منها منجا، ولا دوني ملجأ، أين يهرب من سمائي وأرضي يا عيسى، قل لظلمة بني إسرائيل: لا تدعوني والسحت تحت أحضانكم، والأصنام في بيوتكم، فإني آليت أن أجيب من دعاني، وأن أجعل إجابتي إياهم لعنا لهم حتى يتفرقوا.
يا عيسى، كم أطيل النظر، وأحسن الطلب، والقوم في غفلة لا يرجعون، تخرج الكلمة من أفواههم لا تعبا (1) قلوبهم، يتعرضون لمقتي ويتحببون إلى المؤمنين.
يا عيسى، ليكن لسانك في السر والعلانية واحدا، وكذلك فليكن قلبك

1 - في الكافي وتنبيه الخواطر: لا تعيها.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»