أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٢٣
ويضعف فيه المنصف. قال: فقيل له: متى يا أمير المؤمنين؟ فقال: " إذا اتخذت الأمانة مغنما، والزكاة مغرما، والعبادة استطالة، والصلة منا. فقيل: متى ذلك، يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلطن النساء، وتسلطن الإماء، وأمر الصبيان " (1).
عن سعيد بن المسيب قال: كان علي بن الحسين - صلوات الله عليه - يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الآخرة - بهذا الكلام - في كل جمعة، في مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله - وحفظ عنه وكتب، كان يقول:
" أيها الناس، اتقوا الله، واعلموا أنكم إليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد.
ويحك، يا ابن آدم الغافل، وليس بمغفول عنه، ابن آدم، إن أجلك أسرع شئ إليك، قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك، ويوشك أن يدركك، وكأن قد أوفيت أجلك، وقبض الملك روحك، وصيرت إلى قبرك وحيدا، فرد إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكان - ناكر ونكير - لمساءلتك وشديد امتحانك، ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبد، وعن نبيك الذي أرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت [تتلوه، وعن إمامك الذي كنت] (2) تتولاه، ثم عن عمرك فيما أفنيته، ومالك من أين اكتسبته وفيما أنفقته، فخذ حذرك وانظر لنفسك، وأعد الجواب قبل الامتحان والمسألة والاختبار، فإن تكن مؤمنا عارفا بدينك، متبعا للصادقين، مواليا لأولياء الله، لقاك الله حجتك، وأنطق لسانك بالصواب، وأحسنت الجواب، وبشرت بالجنة والرضوان من الله - جل وعز - واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك، ودحضت حجتك، وعييت عن الجواب، وبشرت بالنار، فاستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم (3) وتصلية جحيم.
واعلم - ابن آدم - أن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، يجمع الله تعالى فيه الأولين

١ - الكافي ٨: ٦٩ / 25، تنبيه الخواطر 2: 47.
2 - ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي وتنبيه الخواطر.
3 - الحميم: الماء الحار الشديد الحرارة، يسقى منه أهل النار، أو يصب على أبدانهم " مجمع البحرين - حمم - 6: 50 ".
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»