قال: قلت: قد وعدتني الجواب.
قال: وقد ضمنت لي الكتمان.
قال: قلت: أيام حياتك.
فقال: إن عليا عليه السلام تقدمهم إسلاما، وفاقهم علما وبذهم شرفا، ورجحهم زهدا، وطالهم جهادا، وتقدمهم هجرة فحسدوه، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل ممن بان منهم وفاقهم (1).
عن أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وآله - قالت: إذا أراد الله عز وجل بعبده خيرا، جعل له واعظا من نفسه، يأمره وينهاه (2).
وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا ودع رجلا من المسلمين قال له: " زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ووجهك إلى الخير حيث توجهت " (3).
عن جعفر بن محمد أنه قال لبعض أصحابه: " إذا رأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذي القربى واليتامى والمساكين، تقسم في الزور، ويشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداولونها، وتوصف للمريض يستشفي بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك التدين به، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر به، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة - لا يراد بها وجه الله - وتعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همتهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا ولا ما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق والهدى قد درست، فكن على حذر، واطلب إلى الله تعالى النجاة.
واعلم أن الناس في سخط الله وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم، فكن متوقيا واجتهد ليراك الله تعالى على خلاف ما هم عليه، وإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت إلى رحمة الله، وإن بقيت كنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة، وسلمت من عذاب الله، واعلم أن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين " (4).