أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٢٥
ومساكنكم لعلكم تسألون) (١) فلما أتاهم العذاب (قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) (٢) وأيم الله إن هذه عظة لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم.
ثم رجع القول من الله - عز وجل - في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال عز وجل: ﴿ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾ (٣) فإن قلتم - أيها الناس -: إن الله عز وجل إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك؟ وهو يقول: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ (٤) واعلموا - عباد الله - أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، وإنما تنصب لأهل الإسلام، فاتقوا الله - عباد الله - إن الله عز وجل لم يحب هذه الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وأنما خلق الله الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته، وأيم الله، لقد ضرب لكم الأمثال، وصرف الآيات لقوم يعقلون، لا قوه إلا بالله.
فازهدوا فيما زهدكم الله - عز وجل - فيه من عاجل الحياة الدنيا، فإن الله - تبارك وتعالى - يقول وقوله الحق: ﴿إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون﴾ (٥).
وكونوا - عباد الله - من القوم الذين يتفكرون، ولا تركنوا إلى الدنيا، فإن الله - جل وعز - قال لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (6).
ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها، ركون من اتخذها دار قرار ومنزل

١ - ٢ الأنبياء ٢١: ١٣ - ١٥.
٣ - الأنبياء ٢١: ٤٦.
٤ - الأنبياء ٢١: ٤٧.
٥ - يونس ١٠: ٢٤.
٦ - هود ١١: 113.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»