أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٥٧
تأويل آية إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل: ﴿وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون﴾ (1) فقال: كيف وصف الدم بأنه كذب، والكذب من صفات الأقوال، لا من صفات الأجسام؟ وما معنى قول يعقوب عليه السلام: " فصبر جميل "، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلا جميلا؟
الجواب: قيل له: أما " كذب " فمعناه في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه، مثل قولهم: هذا ماء سكب، وشراب صب، يريدون (2) مسكوبا ومصبوبا. وقولهم: رجل صوم، وامرأة نوح، والمعنى: صائم ونائحة.
قال الشاعر:
تظل جيادهم نوحا عليهم * مقلدة أعنتها صفوفا أراد نائحة عليهم.
ويقولون: ما لفلان معقول، يريدون عقلا.
وقد قال الفراء وغيره: يجوز في النحو: بدم كذبا - بالنصب على المصدر - وتقدير الكلام كذبوا كذبا.
(وأما وصف الصبر بأنه جميل، لأنه قصد به وجه الله. وقيل: إنه أراد صبرا لا شكوى فيه ولا جزاء معه، وقال أهل العربية: إن ارتفاع الصبر هاهنا، فشأني صبر جميل) (3) وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام (4).

١ - يوسف ١٢: ١٨.
٢ - في الأصل: يريدان، وما أثبتناه من المصدر.
٣ - ورد في كنز الفوائد بدل ما بين القوسين ما لفظه: " وأما وصف الصبر بأنه جميل فلأن الصبر قد يكون جميلا وغير جميل، وإنما يكون جميلا إذا قصد به وجه الله تعالى، فلما كان في هذا الموضع واقعا على الوجه المحمود صح وصفه بالجميل، وقد قيل: إنه أراد صبرا لا شكوى فيه ولا جزع معه، ولو لم يصفه بذلك لظن مصاحبة الشكوى والجزع له، وقد قال أهل العربية: إن ارتفاع الصبر هاهنا إنما هو لأن المعنى فشأني صبر جميل والذي اعتقده صبر جميل ".
٤ - كنز الفوائد: ٢٧٢، 273.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»