تأويل آية إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل: ﴿وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون﴾ (1) فقال: كيف وصف الدم بأنه كذب، والكذب من صفات الأقوال، لا من صفات الأجسام؟ وما معنى قول يعقوب عليه السلام: " فصبر جميل "، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلا جميلا؟
الجواب: قيل له: أما " كذب " فمعناه في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه، مثل قولهم: هذا ماء سكب، وشراب صب، يريدون (2) مسكوبا ومصبوبا. وقولهم: رجل صوم، وامرأة نوح، والمعنى: صائم ونائحة.
قال الشاعر:
تظل جيادهم نوحا عليهم * مقلدة أعنتها صفوفا أراد نائحة عليهم.
ويقولون: ما لفلان معقول، يريدون عقلا.
وقد قال الفراء وغيره: يجوز في النحو: بدم كذبا - بالنصب على المصدر - وتقدير الكلام كذبوا كذبا.
(وأما وصف الصبر بأنه جميل، لأنه قصد به وجه الله. وقيل: إنه أراد صبرا لا شكوى فيه ولا جزاء معه، وقال أهل العربية: إن ارتفاع الصبر هاهنا، فشأني صبر جميل) (3) وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام (4).