الكذابين، فلا يبقى لنا طريق إلى تميز الصادق من الأنبياء والكاذب (١).
ومنها: أنه يلزم منه تعطيل الحدود والزواجر عن المعاصي، فإن الزنا إذا كان واقعا بإرادة الله تعالى، والسرقة (٢) إذا صدرت من الله تعالى، وإرادته هي المؤثرة، لم يجز للسلطان المؤاخذة عليها، لأنه يصد السارق عن مراد الله تعالى ويبعثه على ما يكرهه الله تعالى، ولو صد الواحد منا غيره عن مراده، وحمله على ما يكرهه، استحق منه اللوم.
ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين، لأن المعصية مرادة (٣) الله تعالى، والزجر عنها مراد له أيضا.
ومنها: أنه يلزم منه مخالفة المعقول والمنقول، أما المعقول، فلما تقدم من العلم الضروري بإسناد (٤) أفعالنا الاختيارية إلينا، وقوعها بحسب إرادتنا، فإذا أردنا الحركة يمنة لم يقع يسرة، وبالعكس، والشك في ذلك عين السفسطة.
وأما المنقول، فالقرآن مملوء من إسناد (٥) أفعال البشر إليهم، كقوله تعالى ﴿وإبراهيم الذي وفي﴾ (٦) ﴿فويل للذين كفروا﴾ (٧)، ﴿ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ (٨) (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت (٩) ﴿اليوم تجزون ما كنتم تعملون﴾ (١٠) ﴿لتجزى كل نفس بما تسعى﴾ (11)