كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٧٠
وقال أبو إسحاق الإسفرايني (1) من الأشاعرة: إن الفعل واقع بمجموع القدرتين.
والمصنف التجأ إلى الضرورة هاهنا، فإنا نعلم بالضرورة الفرق بين حركة الحيوان اختيارا وبين حركة الحجر الهابط، ومنشأ الفرق هو اقتران القدرة في أحد الفعلين به وعدمه في الآخر.
قال: والوجوب للداعي (2) لا ينافي القدرة كالواجب.
أقول: لما فرغ من تقرير المذهب شرع في الجواب عن شبه الخصم.
وتقرير الشبهة الأولى: أن صدور الفعل من المكلف إما أن يقارن تجويز لا صدوره أو امتناع لا صدوره، والثاني يستلزم الجبر، والأول إما أن يترجح منه الصدور على لا صدوره لمرجح أو لا لمرجح، والثاني يلزم منه الترجيح لأحد طرفي الممكن من غير مرجح وهو محال، والأول يستلزم

(1) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، الذي أخذ عنه عامة شيوخ نيسابور، وهو أحد الأقطاب لتبيين مذهب الأشعري بعد الباقلاني (ت 403 ه‍) وابن فورك (406 ه‍). (توفي أبو إسحاق عام 481 ه‍).
(2) المسألة السادسة وما تفرع عليها راجعة إلى مسألة الجبر والاختيار، وحاصل استدلال المجبرة أن الفعل الممكن الذي يجوز صدوره ولا صدوره عن الإنسان لا يخرج عن الاستواء إلا بداع يجره إلى اختيار الطرفين، وهو إما أن لا ينتهي ويكون للداع داع وهكذا، أو ينتهي، والأول محال، فتعين الثاني وهو يضفي على الفعل وصف الوجوب.
والجواب ما ذكره من أن الوجوب اللاحق لا ينافي الإمكان والاختيار وأن قولهم: " الشئ ما لم يجب لم يوجد " لا ينافي كون الفاعل مختارا إذ هو الذي يعطي للفعل الوجوب عن اختيار. ولنا في تفسير عبارة الماتن نظر آخر أوردناه في الإلهيات ج 2 / 299 فلاحظ.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»