كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٥٩
وقد شنع أبو الحسين على الأشاعرة بأشياء ردية، وما شنع به فهو حق إذ لا تتمشى قواعد الإسلام بارتكاب ما ذهب إليه الأشعرية من تجويز القبائح عليه تعالى وتجويز إخلاله بالواجب، وما أدري كيف يمكنهم الجمع بين المذهبين؟!
واعلم أن الفعل من التصورات الضرورية، وقد حده أبو الحسين بأنه ما حدث عن قادر، مع أنه حد القادر بأنه الذي يصح أن يفعل وأن لا يفعل فلزمه الدور، على أن الفعل أعم من الصادر عن قادر وغيره.
إذا عرفت هذا فالفعل الحادث إما أن لا يوصف بأمر زائد على حدوثه وهو مثل حركة الساهي والنائم، وإما أن يوصف وهو قسمان: حسن وقبيح.
فالحسن ما لا يتعلق بفعله ذم (1) والقبيح بخلافه، والحسن إما أن لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو المباح ويرسم بأنه ما لا مدح فيه على الفعل والترك، وإما أن يكون له وصف زائد على حسنه، فإما أن يستحق المدح بفعله والذم بتركه وهو الواجب، أو يستحق المدح بفعله ولا يتعلق بتركه ذم وهو المندوب، أو يستحق المدح بتركه ولا يتعلق بفعله ذم وهو المكروه.
فقد انقسم الحسن إلى الأحكام الأربعة: الواجب والمندوب والمباح والمكروه، ومع القبيح تبقى الأحكام الحسنة والقبيحة خمسة.

(1) يحاول بهذا التعريف إدخال المباح والمكروه تحت الحسن، نعم لو عرف الحسن بما يستحق المدح، فلا يعم إلا الواجب والمستحب، ولا وجه لحصر الأفعال فيهما، بل يمكن تصوير قسم ثالث لا يوصف بأحدهما كما هو الحال في المباح بل المكروه.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»