كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦٨
وتقريره: أنه لو كان ذلك سببا، والإخلال بالقبيح سبب للمدح، لكان المكلف إذا خلا من الأمرين (1) مستحقا للذم والمدح.
والجواب: لا استبعاد في اجتماع الاستحقاقين باعتبارين، فيذم على أحدهما ويمدح على الآخر، كما إذا فعل طاعة ببعض أعضائه ومعصية بالبعض الآخر.
قال: وإيجاب المشقة في شكر النعمة قبيح.
أقول: ذهب أبو القاسم البلخي إلى أن هذه التكاليف وجبت شكرا للنعمة، فلا تستلزم وجوب الثواب ولا يستحق بفعلها نفع وإنما الثواب تفضل من الله تعالى، وذهب جماعة من العدلية إلى خلاف هذا القول.
واحتج المصنف رحمه الله على إبطاله بأنه يقبح عند العقلاء أن ينعم الإنسان على غيره ثم يكلفه ويوجب عليه شكره ومدحته على تلك النعمة من غير إيصال ثواب إليه، ويعدون ذلك نقصا في المنعم وينسبون إلى الرياء وذلك قبيح لا يصدر من الحكيم، فوجب القول باستحقاق الثواب.
قال: ولقضاء العقل به مع الجهل.
أقول: هذا دليل ثان على إبطال قول البلخي، وتقريره: أن العقلاء بأسرهم يجزمون بوجوب شكر المنعم وإذا كان وجوب الشكر معلوما بالعقل مع أن العقل لا يدرك التكاليف الشرعية وجب القول بكونها ليست شكرا.

(1) المراد هو الواجب والحرام.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»