كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٤٨
أقول: هذا إشارة إلى ما احتج الأوائل به على امتناع خلق عالم آخر، وتقريره من وجهين:
الأول: أنه لو وجد عالم آخر لكان كرة لأنه الشكل الطبيعي فإن تلاقت الكرتان أو تباينتا لزم الخلاء.
والجواب: لا نسلم وجوب الكرية في العالم الثاني، سلمنا لكن لا نسلم وجوب الخلاء لإمكان ارتسام الثاني في ثخن بعض الأفلاك أو إحاطة المحيط بالعالمين.
الثاني: لو وجد عالم آخر فيه نار وأرض وغيرهما فإن طلبت أمكنة هذه العناصر لزم قسرها دائما وإلا اختلف المتفقات في الطباع في مقتضاها.
والجواب: لم لا يجوز أن يكون العالم الآخر مخالفا لهذا العالم في الحقيقة، سلمنا لكن لم لا يجوز أن يكون المكانان طبيعيين لهما، فهذا ما خطر لنا في تطبيق كلام المصنف رحمة الله عليه.
المسألة الثانية: في صحة العدم على العالم (1) قال: والإمكان يعطي جواز العدم.
أقول: اختلف الناس في أن العالم هل يصح عدمه أم لا؟ فذهب المليون أجمع إلى ذلك إلا من شذ، ومنع منه القدماء واختلفوا:

(1) من قال بامتناع عدم العالم، اختلفوا إلى طوائف ثلاث:
1 - من قال بالامتناع الذاتي لكون نفس العالم واجب الوجود، وهم الماديون.
2 - من قال بقدم العالم لقدم علته فيمتنع عليه العدم لوجوب علته، والقائلون به لفيف من الإلهيين.
3 - من قال بحدوث العالم وفي الوقت نفسه يمنع فناءه، لأن فناءه يتصور في ظل أسباب أربعة:
ألف - فناؤه من قبل ذاته وهو محال، لأن الشئ لا يوجد ولا يفنى من قبل ذاته قضاء لمعنى الإمكان.
ب - فناؤه بالفاعل بلا واسطة وهو باطل، لأن أثر الفاعل هو الإيجاد لا الإعدام، ولا فرق في العقل بين نفي الفعل الذي هو المقصود في المقام، وفعل العدم الذي هو محال بالاتفاق. وفناء العالم بصوره نفي الفعل يرجع إلى الثاني فيكون محالا.
ج - فناؤه من جانب الضد.
د - فناؤه من جانب انتفاء الشرط.
وقد ذكر الشارح الأسباب لا على هذا النظام فلاحظ.
(٢٤٨)
مفاتيح البحث: الجواز (3)، الوجوب (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»