أصلا، بل من حين بلوغه كان مؤمنا موحدا، بخلاف باقي الصحابة فإنهم كانوا في زمن الجاهلية كفرة، ولا ريب في فضل من لم يزل موحدا على من سبق كفره على إيمانه.
قال: ولكثرة الانتفاع به.
أقول: هذا وجه رابع وعشرون، وتقريره: أن عليا عليه السلام انتفع به المسلمون أكثر من نفعهم بغيره فيكون ثوابه أكثر وفضله أعظم:
بيان المقدمة الأولى: ما تقدم من كثرة حروبه وشدة بلائه في الإسلام وفتح الله البلاد على يديه وقوة شوكة الإسلام به حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأحزاب: " لضربة علي خير من عبادة الثقلين " (1).
وبلغ في الزهد مرتبة لم يلحقها أحد بعده، واستفاد الناس منه طرائق الرياضة والترك للدنيا والانقطاع إلى الله تعالى.
وكذا في السخاوة وحسن الخلق والعبادة والتهجد.
وأما العلم فظاهر استناد كافة العلماء إليه واستفادتهم منه، وعاش بعد أبي بكر زمانا طويلا يفيد الناس الكمالات النفسانية والبدنية وابتلي بما لم يحصل لغيره من المشاق.