كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٤٩
فذهب قوم منهم إلى أن الامتناع ذاتي وجعلوا العالم واجب الوجود، ونحن قد بينا خطأهم وبرهنا على حدوثه فيكون ممكنا بالضرورة.
وذهب آخرون إلى أن الامتناع باعتبار الغير وذلك أن العالم معلول علة واجب الوجود فلا يمكن عدمه إلا بعدم علته ويستحيل عدم واجب الوجود، ونحن قد بينا خطأهم في ذلك وبرهنا على أن المؤثر في العالم قادر مختار.
وذهبت الكرامية والجاحظ إلى استحالة عدم العالم بعد وجوده بعد اعترافهم بالحدوث، لأن الأجسام باقية فلا تفنى بذاتها، ولا بالفاعل لأن شأنه الإيجاد لا الإعدام إذ لا فرق في العقل بين نفي الفعل وبين فعل العدم، ولا ضد للأجسام (1) لأنه بعد وجوده ليس إعدامه للباقي أولى من عدمه به

(1) هذا هو السبب الثالث لفناء العالم لكن أبطله بأن التضاد لأجل المطاردة يوجب عدم العالم، لكنه بالنسبة إلى العالم الموجود غير متصور وذلك بوجوه:
1 - أن التضاد من مقولة الكيف، والأجسام من مقولة الجوهر، ولا تضاد في الأجسام، وقد بينه في المسألة الثالثة من الفصل الأول من المقصد الثاني من مقاصد الكتاب.
2 - على فرض وجوده فلماذا لا يعدم بالتضاد نفس الضد دون العالم لأن التضاد من الجانبين ورفعه يحصل بانعدام أحد الضدين ولا يختص بفناء العالم.
ويضيف المستدل على امتناع فناء العالم بأنه ربما يتوهم أن الأولى للانعدام هو العالم لا الضد وهو باطل لأن للأولوية وجوها كلها غير ناهضة لإثباتها، وإليك بيانها:
ألف - تعلق الضد الحادث بالسبب (الواجب)، والجواب أنها مشتركة، إذ العالم وضده الحادث متعلقان بالسبب.
ب - الضد الحادث كثير متعدد، والجواب عنه بأنه يستلزم اجتماع المثلين.
ج - لو بقي العالم مع وجود الضد الحادث يلزم اجتماع الضدين، ومرجع اجتماعهما إلى اجتماع النقيضين لأن كل ضد يقتضي عدم الآخر كما حرر في محله. والجواب بأن رفع اجتماع الضدين يتحقق أيضا بعدم دخول الضد في حيز الوجود، إلى هنا تم بيان السبب الثالث لفناء العالم استدلالا وإشكالا وجوابا.
(٢٤٩)
مفاتيح البحث: السب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»