أقول: لما ذكر صفات النبي وجب عليه ذكر بيان معرفة صدقه، وهو شئ واحد، وهو ظهور المعجز على يده، ونعني بالمعجز ثبوت ما ليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوى، لأن الثبوت والنفي سواء في الإعجاز فإنه لا فرق بين قلب العصا حية وبين منع القادر عن رفع أصغر الأشياء.
وشرطنا خرق العادة لأن فعل المعتاد أو نفيه لا يدل على الصدق.
وقلنا مع مطابقة الدعوى لأن من يدعي النبوة ويسند معجزته إلى إبراء الأعمى فيحصل له الصمم مع عدم برء العمى لا يكون صادقا.
ولا بد في المعجز من شروط:
أحدها: أن يعجز عن مثله أو ما يقاربه الأمة المبعوث إليها.
الثاني: أن يكون من قبل الله تعالى أو بأمره.
الثالث: أن يكون في زمان التكليف لأن العادة تنتقض عند أشراط الساعة.
الرابع: أن يحدث عقيب دعوى المدعي للنبوة أو جاريا مجرى ذلك (1)، ونعني بالجاري مجرى ذلك أن يظهر دعوى النبي في زمانه وأنه لا مدعي للنبوة غيره (2) ثم يظهر المعجز بعد أن ظهر معجز آخر عقيب دعواه فيكون