وإنما اعتبرنا الزمان والمكان لأنه لا يقال إن الثلج قد رخص سعره في الشتاء عند نزول الثلج، لأنه ليس أوان بيعه، ويجوز أن يقال رخص في الصيف، إذا نقص سعره عما جرت به عادته في ذلك الوقت، ولا يقال رخص سعره في الجبال التي يدوم نزوله فيها، لأنها ليست مكان بيعه، ويجوز أن يقال رخص سعره في البلاد التي اعتيد بيعه فيها.
واعلم أن كل واحد من الرخص والغلاء قد يكون من قبله تعالى، بأن يقلل جنس المتاع المعين ويكثر رغبة الناس إليه فيحصل الغلاء لمصلحة المكلفين، وقد يكثر جنس ذلك المتاع ويقلل رغبة الناس إليه تفضلا منه تعالى وإنعاما أو لمصلحة دينية فيحصل الرخص، وقد يحصلان من قبلنا، بأن يحمل السلطان الناس على بيع تلك السلعة بسعر غال ظلما منه أو لاحتكار الناس أو لمنع الطريق خوف الظلمة أو لغير ذلك من الأسباب المستندة إلينا فيحصل الغلاء، وقد يحمل السلطان الناس على بيع السلعة برخص ظلما منه أو يحملهم على بيع ما في أيديهم من جنس ذلك المتاع فيحصل الرخص.
المسألة الثامنة عشرة: في الأصلح قال: والأصلح قد يجب (1) لوجود الداعي وانتفاء الصارف.
أقول: اختلف الناس هنا: فقال الشيخان أبو علي وأبو هاشم وأصحابهما:
إن الأصلح ليس بواجب على الله تعالى.