كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٤
ولا بد وأن يتميز ذلك الشخص من غيره من بني نوعه لعدم الأولوية، وذلك المائز لا يجوز أن يكون مما يحصل من بني النوع لوقوع التنافر في التخصيص، فلا بد وأن يتميز من قبل الله تعالى بمعجزة ينقاد البشر إلى تصديق مدعيها ويخوفهم من مخالفته ويعدهم على متابعته بحيث يتم النظام ويستقر حفظ النوع الإنساني على كماله الممكن له.
ومنها: أن أشخاص البشر متفاوتة في إدراك الكمالات وتحصيل المعارف واقتناء الفضائل، فبعضهم مستغن عن معاون لقوة نفسه وكمال إدراكه وشدة استعداده للاتصال بالأمور العالية، وبعضهم عاجز عن ذلك بالكلية، وبعضهم متوسط الحال وتتفاوت مراتب الكمال في هذه المرتبة بحسب قربها من أحد الطرفين وبعدها عن الآخر، وفائدة النبي تكميل الناقص من أشخاص النوع بحسب استعداداتهم المختلفة في الزيادة والنقصان.
ومنها: أن النوع الإنساني محتاج إلى آلات وأشياء نافعة في بقائه كالثياب والمساكن وغيرها وذلك مما يحتاج في تحصيله إلى معرفة عمله والقوة البشرية عاجزة عنه، ففائدة النبي في ذلك تعليم هذه الصنائع النافعة الخفية.
ومنها: أن مراتب الأخلاق وتفاوتها معلوم يفتقر فيه إلى مكمل بتعليم الأخلاق والسياسات بحيث تنتظم أمور الإنسان بحسب بلده ومنزله.
ومنها: أن الأنبياء يعرفون الثواب والعقاب على الطاعة وتركها فيحصل للمكلف اللطف ببعثتهم، فتجب بعثتهم لهذه الفوائد.
قال: وشبهة البراهمة باطلة بما تقدم.
أقول: احتجت البراهمة على انتفاء البعثة بأن الرسول إما أن يأتي بما
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»