كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٦
المسألة الثالثة: في وجوب العصمة قال: ويجب في النبي العصمة (1) ليحصل الوثوق فيحصل الغرض، ولوجوب متابعته وضدها، والإنكار عليه.
أقول: اختلف الناس هنا: فجماعة المعتزلة جوزوا الصغائر على الأنبياء إما على سبيل السهو كما ذهب إليه بعضهم أو على سبيل التأويل كما ذهب إليه قوم منهم أو لأنها تقع محبطة بكثرة ثوابهم.
وذهبت الأشعرية والحشوية إلى أنه يجوز عليهم الصغائر والكبائر إلا الكفر والكذب.
وقالت الإمامية: إنه تجب عصمتهم عن الذنوب كلها صغيرها وكبيرها، والدليل عليه وجوه:

(١) كان اللازم على المحقق الطوسي - قدس سره - تعريف العصمة وتحقيق ماهيتها قبل الحكم بوجوب اتصاف الأنبياء بها، ومن أراد الوقوف عليهما فليرجع إلى مفاهيم القرآن (١)، وقد أقام - قدس سره - على عصمة الأنبياء براهين ثلاثة، والمهم هو الأول منها لإمكان مناقشة الدليل الثاني بأن المطاوعة إنما تجب إذا كانت هناك موافقة بين القول والعمل فتخرج ما إذا كانت مخالفة، وقوله سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (الأحزاب: ٢١) لا يتجاوز عن كونه دليلا مطلقا فيقيد بالموافقة، فتخرج صورة المخالفة بحكم العقل.
ومثل الثاني، الدليل الثالث، لإمكان الالتزام بعدم حرمة الإيذاء إذا كان عن حق، وإلا فالمؤمن كالنبي يحرم إيذاؤه، فلو حرم إيذاؤه في هذه الحالة يلزم عدم جواز أمره بالمعروف إذا تركه أو نهيه عن المنكر إذا ارتكبه إذا كان الأمر أو النهي سببا للإيذاء.
- ١ - مفاهيم القرآن: ٤ / 371 - 405.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»