كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٧
أحدها: أن الغرض من بعثة الأنبياء عليهم السلام إنما يحصل بالعصمة، فتجب العصمة تحصيلا للغرض.
وبيان ذلك أن المبعوث إليهم لو جوزوا الكذب على الأنبياء والمعصية جوزوا في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ذلك، وحينئذ لا ينقادون إلى امتثال أوامرهم، وذلك نقض للغرض من البعثة.
الثاني: أن النبي تجب متابعته، فإذا فعل معصية فإما أن تجب متابعته أو لا والثاني باطل لانتفاء فائدة البعثة، والأول باطل لأن المعصية لا يجوز فعلها، وأشار بقوله: " لوجوب متابعته وضدها " إلى هذا الدليل لأنه بالنظر إلى كونه نبيا تجب متابعته وبالنظر إلى كون الفعل معصية لا يجوز اتباعه.
الثالث: أنه إذا فعل معصية وجب الإنكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر وذلك يستلزم إيذاءه وهو منهي عنه وكل ذلك محال.
قال: وكمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو وكل ما ينفر عنه من دناءة الآباء وعهر الأمهات (1) والفظاظة والغلظة والأبنة وشبهها والأكل على الطريق وشبهه.
أقول: يجب أن يكون في النبي هذه الصفات التي ذكرها وقوله: " وكمال العقل " عطف على العصمة، أي ويجب في النبي كمال العقل، وذلك ظاهر.
وأن يكون في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي، بحيث لا يكون ضعيف الرأي مترددا في الأمور متحيرا لأن ذلك من أعظم المنفرات عنه.

(١) لم يذكر من صفات الآباء والأمهات إلا العهر وعدم الدناءة، وكان عليه أن يذكر كونهما موحدين، غير عابدين للوثن كما ذكره المفيد (١).
- ١ - المفيد: أوائل المقالات: ١٢ - 13.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»