كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٦٨
أقول: اختلف الناس هنا: فقال جماعة من المعتزلة: إن البعثة لا تجب في كل وقت، بل في حال دون حال وهو ما إذا كانت المصلحة في البعثة.
وقال علماء الإمامية: إنه تجب البعثة في كل وقت بحيث لا يجوز خلو زمان من شرع نبي.
وقالت الأشاعرة: لا تجب البعثة في كل وقت لأنهم ينكرون الحسن والقبح العقليين وقد مضى البحث معهم.
واستدل المصنف رحمه الله على وجوب البعثة في كل وقت بأن دليل الوجوب يعطي العمومية، أي دليل وجوب البعثة يعطي عمومية الوجوب في كل وقت، لأن في بعثته زجرا عن القبائح وحثا على الطاعة فتكون لطفا، ولأن فيه تنبيه الغافل وإزالة الاختلاف ودفع الهرج والمرج، وكل ذلك من المصالح الواجبة التي لا تتم إلا بالبعثة، فتكون واجبة في كل وقت.
قال: ولا تجب الشريعة (1).
أقول: اختلف الشيخان هنا: فقال أبو علي: تجوز بعثة نبي لتأكيد ما في العقول ولا يجب أن تكون له شريعة.
وقال أبو هاشم وأصحابه: لا يجوز أن يبعث إلا بشريعة، لأن العقل كاف في العلم بالعقليات فالبعثة تكون عبثا.
والجواب: يجوز أن تكون البعثة قد اشتملت على نوع من المصلحة، بأن يكون العلم بنبوته ودعائه إياهم إلى ما في العقول مصلحة لهم فلا تكون

(1) هل يجب أن يكون كل نبي مبعوثا بشريعة سواء كانت لنفسه أو لمن تقدمه، أو تكفي الدعوة إلى ما في العقول ولا تجب أن تكون له الشريعة؟ فيه خلاف بين أبي علي وابنه أبي هاشم، والماتن اختار قول الوالد بما ذكره الشارح عنه.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»