كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٠
اللطف عن هذه الأشياء، ولما كانت الآلام تستلزم الأعواض وجب البحث عنها أيضا.
البحث الثاني: اختلف الناس في قبح الألم وحسنه، فذهبت الثنوية إلى قبح جميع الآلام، وذهبت المجبرة إلى حسن جميعها من الله تعالى، وذهبت البكرية وأهل التناسخ والعدلية إلى حسن بعضها وقبح الباقي.
البحث الثالث: في علة الحسن، اختلف القائلون بحسن بعض الألم في وجه الحسن:
فقال أهل التناسخ: إن علة الحسن هي الاستحقاق لا غير، لأن النفوس البشرية إذا كانت في أبدان قبل هذه الأبدان وفعلت ذنوبا استحقت الألم عليها، وهذا أيضا قول البكرية.
وقالت المعتزلة أنه يحسن عند شروط:
أحدها: أن يكون مستحقا.
وثانيها: أن يكون فيها نفع عظيم يوفى عليها.
وثالثها: أن يكون فيها دفع ضرر أعظم منها.
ورابعها: أن يكون مفعولا على مجرى العادة، كما يفعله الله تعالى بالحي إذا ألقيناه في النار.
وخامسها: أن يكون مفعولا على سبيل الدفع عن النفس، كما إذا آلمنا من يقصد قتلنا، لأنا متى علمنا اشتمال الألم على أحد هذه الوجوه حكمنا بحسنه قطعا.
قال: ولا بد في المشتمل على النفع من اللطف.
أقول: هذا شرط لحسن الألم المبتدأ الذي يفعله الله تعالى لاشتماله على
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»