كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٠٩
التكليف (1) الذي يطيع عنده، لأن اللطف أمر زائد على التكليف، فهو من دون اللطف يتمكن بالتكليف من أن يطيع أو لا يطيع، وليس كذلك التكليف لأن عنده يتمكن من أن يطيع وبدونه لا يتمكن من أن يطيع أو لا يطيع، فلم يلزم أن يكون التكليف الذي يطيع عنده لطفا.
إذا عرفت هذا فنقول: اللطف واجب، خلافا للأشعرية.
والدليل على وجوبه (2) أنه يحصل غرض المكلف فيكون واجبا وإلا لزم نقض الغرض.

(1) حاصله: أن اللطف غير مؤثر في التمكين بل أمر وراء القدرة، وإلا فلو كان مؤثرا في حصول القدرة، لا يسمى لطفا، ومنه يظهر أن التكليف ليس لطفا لأنه مما له حظ في التمكين إذ لولاه لما حصل الامتثال. ومع ذلك كله.
قالت العدلية: الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية، ولا بد من الجمع بين ما ذكره الشارح من أن التكليف ليس لطفا وهذا الكلام الذي يعرف التكليف الشرعي لطفا، بنحو من الأنحاء فتأمل.
(2) لا يخفى أن الالتزام بوجوب اللطف بكلا قسميه أمر مشكل، لاختلاف الدواعي إلى الامتثال، فيلزم أن يقوم سبحانه في مورد كل فرد بما يكون معه أقرب إلى الطاعة، فتختلف الدواعي حسب اختلاف الأمزجة والميول، فلو افترضنا أن إنسانا إنما يكون أقرب إلى الطاعة إذا كان ثريا، والآخر إذا كان فقيرا، وثالثا إذا كان متزوجا بمرأة حسناء و... أترى أن من واجبه أن يقوم في حق كل إنسان بما يكون معه أقرب إلى الطاعة؟!
بل الحق ما أوضحناه في الإلهيات وقلنا: إن كل ما هو دخيل في تحقق الرغبة بالطاعة، والابتعاد عن المعصية في نفوس الأكثرية الساحقة من البشر يجب على الله سبحانه القيام به صونا للتكليف عن اللغو (1)، دون ما هو دخيل في خصوص فرد، وإلا لن يقف أقسام اللطف عند حد.
- 1 - الإلهيات: 3 / 54 الطبعة الثانية ولا يذهب عليك أن لنا في هذا الكتاب اصطلاحا خاصا في تفسير المحصل والمقرب في اللطف، لا يمت للاصطلاح المعروف بين المتكلمين فيهما بصلة، فلا تغفل.
(١٠٩)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»