كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٠٧
اللازمة للتكليف.
قال: والفائدة ثابتة.
أقول: هذا جواب عن سؤال مقدر وتقريره: إن تكليف الكافر لا فائدة فيه لأن الفائدة من التكليف هي الثواب ولا ثواب له فلا فائدة في تكليفه فكان عبثا.
والجواب: لا نسلم أن الفائدة هي الثواب بل التعريض له وهو حاصل في حقه كالمؤمن.
المسألة الثانية عشرة: في اللطف وماهيته وأحكامه قال: واللطف واجب لتحصيل الغرض به.
أقول: اللطف هو ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية، ولم يكن له حظ في التمكين، ولم يبلغ حد الإلجاء.
واحترزنا بقولنا: " ولم يكن له حظ في التمكين " عن الآلة، فإن لها حظا في التمكين وليست لطفا.
وقولنا: " ولم يبلغ حد الإلجاء " لأن الإلجاء ينافي التكليف واللطف لا ينافيه.
هذا اللطف المقرب (1).

(1) قاعدة اللطف من القواعد الكلامية، ولها دور واسع في مسائلها، قبلتها العدلية ورفضتها الأشاعرة، وهي من فروع القول بالحسن والقبح العقليين، فمن اعترف بهما أخذ بنتائجهما ومنها لزوم اللطف على الله، ومن أنكرهما رد نتائجهما.
وقد قسم الشارح تبعا لغيره، اللطف إلى المقرب إلى الطاعة، والمحصل لها. فلو كان موجبا لقرب المكلف إلى فعل الطاعة، والبعد عن فعل المعصية، فهو لطف مقرب، ولو ترتبت عليه الطاعة فهو لطف محصل.
ثم إن بعض المتكلمين اكتفى بذكر المحصل وحده، واكتفى لفيف منهم بذكر المقرب وحده، وهناك من ذكر كلا القسمين:
فمن الأول: المتكلم الشيعي النوبختي في الياقوت، حيث فسره بقوله: " اللطف أمر يفعله الله تعالى بالمكلف لا ضرر فيه يعلم عند وقوع الطاعة منه ولولاه لم يطع " (1).
ومن الثاني: الشيخ المفيد، قال: " اللطف ما يقرب المكلف معه إلى الطاعة ويبعد عن المعصية، ولاحظ له في التمكين، ولم يبلغ الإجبار " (2).
ومن الثالث: القاضي عبد الجبار، قال: " إن اللطف هو كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب عن القبيح، أو يكون عنده أقرب إما إلى اختيار الواجب أو إلى ترك القبيح "، (3) والعلامة الحلي في أنوار الملكوت (4)، وأشار الشارح إلى كلا القسمين.
وعلى ضوء ذلك فليس هنا لطفان مختلفان بل كلاهما في الحقيقة أمر واحد، غير أنه إن ترتبت عليه الطاعة يكون محصلا، فكونه مقربا فعل الله سبحانه، وأما كونه محصلا أمر انتزاعي ينتزع منه بعد حصول الغاية.
غير أن العناية باللطف المقرب في الكتب الكلامية أكثر من المحصل.
- 1 - لاحظ أنوار الملكوت في شرح الياقوت للعلامة الحلي: 152، وقوله يعلم بصيغة المجهول.
2 - المفيد: النكت الاعتقادية: 31، وتبعه المحقق الطوسي في تلخيص المحصل: 342، وابن ميثم في قواعد المرام:
117.
3 - القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة: 519.
4 - العلامة الحلي: أنوار الملكوت: 153 - 154، قال: وقسم المعتزلة اللطف إلى قسمين:
أحدهما: ما يختار عنده المكلف الطاعة ويسمى توفيقا أو يختار عنده ترك القبيح ويسمى عصمة.
ثانيهما: ما يقرب من الطاعة ويقوى داعيه إليها.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»