بالبراهين القطعية الخالية عن المغالطة.
والثالثة: تذكرهم ما وعدهم الشارع من الخير والشر الأخرويين بحيث ينحفظ النظام المقتضي للتعادل والترافد، ثم زاد الله تعالى لمستعملي الشرائع الأجر والثواب في الآخرة، فهذه مصالح التكليف عند الأوائل.
قال: وواجب لزجره عن القبائح.
أقول: هذا مذهب المعتزلة، وأنكرت الأشاعرة ذلك، والدليل على وجوب التكليف أنه لو لم يكلف الله تعالى من كملت شرائط التكليف فيه لكان مغريا بالقبيح، والتالي باطل لقبحه فالمقدم مثله.
بيان الشرطية: أن الله تعالى إذا أكمل عقل الإنسان وجعل فيه ميلا إلى القبيح وشهوة له ونفورا عن الحسن فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح والمؤاخذة على الإخلال بالواجب وفعل القبيح لكان وقوع القبيح من المكلف دائما، وإلى هذا أشار بقوله: لزجره عن القبائح، أي لزجر التكليف عن القبائح.
قال: وشرائط حسنه انتفاء المفسدة وتقدمه وإمكان متعلقه وثبوت صفة زائدة على حسنه وعلم المكلف بصفات الفعل وقدر المستحق وقدرته عليه وامتناع القبيح عليه وقدرة المكلف على الفعل وعلمه به أو إمكانه وإمكان الآلة.
أقول: لما ذكر أن التكليف حسن شرع في بيان ما يشترط في حسن التكليف، وقد ذكر أمورا لا يحسن التكليف بدونها (1)، منها ما يرجع إلى نفس