كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٣٩
الطاعة ثابتة إلى حال الموت أو الآخرة استحق بها الثواب في الحال وكذا المعصية وإن كان في علمه تعالى أنه يحبط الطاعة أو يتوب من المعصية قبل الموافاة لم يستحق الثواب ولا العقاب وبهما استدل المصنف (ره) على القول بالموافاة بقوله تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك) وبقوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) وتقريره أن نقول إما أن يكون المراد بالإحباط هنا كون العمل باطلا من أصله أو أن الثواب يسقط بعد ثبوته أو أن الكفر أبطله والأولان باطلان أما الأول لأنه علق بطلانه (1) بالشرك ولأنه شرط وجزاءهما إنما يقعان في المستقبل وبالأول يبطل الثاني وأما الثالث فلما يأتي من بطلان التحابط.
المسألة السابعة: في الاحباط والتكفير قال: والإحباط باطل لاستلزامه الظلم ولقوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
أقول: اختلف الناس هنا فقال جماعة من المعتزلة بالإحباط والتكفير ومعناهما أن المكلف يسقط ثوابه المتقدم بالمعصية المتأخرة أو يكفر ذنوبه المتقدمة بطاعته المتأخرة ونفاهما المحققون ثم القائلون بهما اختلفوا فقال أبو علي إن المتأخر يسقط المتقدم ويبقى على حاله، وقال أبو هاشم أنه ينتفي الأقل بالأكثر وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقا وهذا هو الموازنة ويدل على بطلان الاحباط أنه يستلزم الظلم لأن من أساء وأطاع وكانت إسائته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن وإن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة من لم يسئ وإن تساويا يكون مساويا لمن لا يصدر عنه أحدهما وليس كذلك عند العقلاء

(1) لأن بطلان العمل وحبطه معلق على الشرك والارتداد فكيف يكون باطلا مطلقا ولأن الكلام شرط وجزاء أي الشرك والحبط وهما إنما يقعان في مستقبل العمل فكيف يكون العمل باطلا.
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»