كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٢٨
وتقطيعها وتفريق أجزائها ومزج بعض الأجزاء ببعض ثم يفرقها ويضعها على الجبال ثم يدعوها فلما دعاها ميز الله تعالى أجزاء كل طير عن الآخر وجمع أجزاء كل طير وفرقها عن الأجزاء الأخرى حتى كملت البنية التي كانت عليها أولا ثم أحياها ولم يعدم الله تعالى تلك الأجزاء فكذا في المكلف هذا ما فهمناه من قوله كما في قصة إبراهيم (ع) فهذا هو كيفية الإعدام.
قال: وإثبات الفناء غير معقول لأنه إن قام بذاته لم يكن ضد أو كذا إن قام بالجوهر.
أقول: لما ذكر المذهب الحق في كيفية الإعدام شرع في إبطال مذهب المخالفين في ذلك واعلم أن من جملة من خالف في كيفية الإعدام جماعة من المعتزلة فذهبوا إلى أن الإعدام ليس هو التفريق بل الخروج عن الوجود أن يخلق الله تعالى للجوهر ضدا هو الفناء وقد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال (أحدها) قال ابن الأخشيد إن الفناء ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز إلا أنه يكون حاصلا في جهة معينة فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها (الثاني) قال ابن شبيب إن الله يحدث في كل جوهر فناء ثم ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني فيجعله قائما بالمحل (الثالث) قال أبو علي وأبو هاشم ومن تابعهما إن الفناء يحدث لا في محل فينتفي الجواهر كلها حال حدوثه ثم اختلفوا فذهب أبو هاشم وقاضي القضاة إلى أن الفناء الواحد كاف في عدم كل الجواهر وذهب أبو علي وأصحابه إلى أن لكل جوهر فناء مضادا له ولا يكفي ذلك الفناء في عدم غيره إذا عرفت هذا فنقول القول بالفناء على كل تقدير فرضوه في ضده باطل لأن الفناء إن قام بذاته كان جوهرا إذ معنى الجوهر ذلك فلا يكون ضدا للجوهر وإن كان غير قائم بذاته كان عرضا إذ هو معناه فيكون حالا في الجوهر إما ابتداء أو بواسطة وعلى كلا التقديرين يستحيل أن يكون منافيا للجوهر.
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»