كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٣٤
الترك له على مذهب من يثبت الترك ضدا والإخلال بالقبيح ومنع أبو علي وجماعة من المعتزلة استحقاق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح وبفعل الواجب وصاروا إلى ذلك لأن المكلف يمتنع خلوه من الأخذ والترك الذي هو فعل الضد والحق ما ذكره المصنف (ره) فإن العقلاء يستحسنون ذم المخل بالواجب وإن لم يتصوروا منه فعلا كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح واعلم أنه يشترط في استحقاق الفاعل المدح أو الثواب إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه وكذا المندوب يفعله لندبه أو لوجه ندبه وكذا في ترك القبيح يتركه لكونه ترك قبيح أو لوجه ذلك والإخلال بالقبيح لكونه إخلالا بالقبيح فإنه لو فعل الواجب أو المندوب لا لما ذكرنا لم يستحق مدحا ولا ثوابا عليهما وكذا لو ترك القبيح لغرض آخر من لذة أو غيرها لم يستحق المدح والثواب والدليل على استحقاق الثواب بفعل الطاعة إنها مشقة قد ألزمها الله تعالى المكلف فإن لم يكن لغرض كان ظلما وعبثا وهو قبيح لا يصدر عن الحكيم وإن كان لغرض فأما الأضرار وهو ظلم وأما النفع وهو إما أن يصح الابتداء به أولا والأول باطل وإلا لزم العبث في التكليف والثاني هو المطلوب وذلك النفع هو المستحق بالطاعة المقارن للتعظيم والإجلال فإنه يقبح الابتداء بذلك لأن تعظيم من لا يستحقه قبيح.
قال: وكذا يستحق العقاب والذم بفعل القبيح والإخلال بالواجب لاشتماله على اللطف ولدلالة السمع.
أقول: كما أن الطاعة سبب لاستحقاق الثواب فكذا المعصية وهي فعل القبيح أو الاخلال بالواجب لاشتماله على سبب استحقاق العقاب لوجهين (أحدهما) عقلي كما ذهب إليه جماعة من العدلية وتقريره أن العقاب لطف واللطف واجب أما الصغرى فلأن المكلف إذا عرف أن مع المعصية يستحق العقاب فإنه يبعد عن فعلها ويقرب إلى فعل ضدها وهو معلوم قطعا وأما الكبرى فقد تقدمت (والثاني) سمعي وهو الذي ذهب إليه باقي العدلية وهو متواتر معلوم من دين
(٤٣٤)
مفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»