كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٣٥
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا عرفت هذا فنقول ذهب جماعة إلى أن الاخلال بالواجب لا يقتضي استحقاق ذم ولا عقاب بل المقتضي لذلك هو فعل القبيح أو فعل ضد الواجب وهو تركه وقد تقدم بيان ذلك.
قال: ولا استبعاد في اجتماع الاستحقاقين باعتبارين.
أقول: هذا جواب عن حجة من منع من كون الاحلال بالواجب سببا لاستحقاق الذم وتقريره أنه لو كان ذلك سببا والإخلال بالقبيح سبب للمدح لكان المكلف إذا خلا من الأمرين مستحقا للذم والمدح والجواب أنه لا استبعاد في اجتماع الاستحقاقين باعتبارين فيذم على أحدهما ويمدح على الآخر كما إذا فعل طاعة ببعض أعضائه ومعصية بالآخر.
قال: وإيجاب المشقة في شكر المنعم قبيح.
أقول: ذهب أبو القاسم البلخي إلى أن هذه التكاليف وجبت شكرا للنعمة فلا يستلزم وجوب الثواب ولا يستحق بفعلها نفع وإنما الثواب تفضل من الله تعالى وذهب جماعة من العدلية إلى خلاف هذا القول واحتج المصنف (ره) على أبطاله بأنه قبيح عند العقلاء أن ينعم الإنسان على غيره ثم يكلفه ويوجب عليه شكره ومدحته على تلك النعمة من غير إيصال ثواب إليه ويعدون ذلك نقصا في المنعم وينسبونه إلى الرياء وذلك قبيح لا يصدر من الحكيم فوجب القول باستحقاق الثواب.
قال: ولقضاء العقل به مع الجهل.
أقول: هذا دليل ثان على إبطال قول البلخي وتقريره أن العقلاء بأسرهم يجزمون بوجوب شكر المنعم وإذا كان وجوب الشكر معلوما بالعقل مع أن العقل لا يدرك التكاليف الشرعية وجب القول بكونها ليست شكرا.
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»