كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٣٧
إلى أنه سمعي واحتج المصنف (ره) على دوامهما بوجوه (أحدها) إن العلم بدوام الثواب والعقاب يبعث العبد على فعل الطاعة ويبعده عن المعصية وذلك ضروري وإذا كان كذلك كان لطفا واللطف واجب على ما مر (الثاني) إن الذم والمدح دائمان إذ لا وقت إلا ويحسن مدح المطيع وذم العاصي إذا لم يظهر منه ندم على ما فعل وهما معلولا الطاعة والمعصية فيجب كون الطاعة والمعصية في حكم الدائمتين فيجب دوام الثواب والعقاب لأن دوام أحد المعلولين (1) يستلزم دوام المعلول الآخر لأن العلة تكون دائمة أو بحكم الدائم (الثالث) أن الثواب لو كان منقطعا لحصل لصاحبه الألم بانقطاعه ولو كان العقاب منقطعا لحصل لصاحبه السرور بانقطاعه وذلك ينافي الثواب والعقاب لأنهما خالصان عن الشوائب هذا ما فهمناه من كلام المصنف (ره) ولحصول نقيضيهما يعني نقيضي الثواب والعقاب لولاه أي لولا الدوام.
قال: ويجب خلوصهما وإلا لكان الثواب أنقص حالا من العوض والتفضل على تقدير حصوله فيهما وهو أدخل في باب الزجر.
أقول: يجب خلوص الثواب والعقاب عن الشوائب أما الثواب فلأنه لولا ذلك لكان العوض والتفضل أكمل منه لأنه يجوز خلوصهما عن الشوائب وحينئذ يكون الثواب أنقص درجة وأنه غير جايز وأما العقاب فلأنه أدخل في الزجر فيكون لطفا.
قال: وكل ذي مرتبة في الجنة لا يطلب الأزيد من مرتبة ويبلغ سرورهم في الشكر إلى حد انتفاء المشقة وغنائهم بالثواب ينفي مشقة ترك القبائح وأهل النار ليلجئون إلى ترك القبيح.
أقول: لما ذكر أن الثواب خالص عن الشوائب ورد عليه أن أهل الجنة

(1) المراد بالمعلولين المدح والثواب المعلولين للطاعة والذم والعقاب المعلولين للمعصية والحاصل أن دوام المدح تدل على دوام علته ودوام قرينه الذي هو المعلول الآخر.
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»