حيث إنه يقرب إلى الملطوف فيه ويرجع وجوده على عدمه وامتناع ترجحه إنما يكون لوجود معارض أقوى هو سوء اختيار المكلف فيكون اللطف في حقه مرجوحا ويمكن أن يكون ذلك جوابا عن سؤال آخر وتقريره أن اللطف لو كان واجبا لم يقع معصية من المكلف أصلا لأنه تعالى قادر على كل شئ فإذا قدر على أن يلطف بكل مكلف في كل فعل لم تقع معصيته لأنه تعالى لا يخل بالواجب لكن الكفر والمعاصي موجودة وتقرير الجواب أن نقول إنما يصح أن يقال يجب أن يلطف للمكلف إذا كان له لطف يصلح عنده ولا استبعاد في أن يكون بعض المكلفين من لا لطف له سوى العلم بالمكلف به والثواب مع الطاعة والعقاب مع المعصية والكافر له هذا اللطف (الثالث) أن الإخبار بأن المكلف من أهل الجنة أو من أهل النار مفسدة لأنه إغراء بالمعاصي وقد فعله تعالى وهو ينافي اللطف والجواب أن الإخبار بالجنة ليس إغراء مطلقا لجواز أن يقترن به من الألطاف ما يمتنع عنده من الإقدام على المعصية وإذا انتفى كونه إغراء على هذا التقدير بطل إنه مفسدة على الاطلاق وأما الإخبار بالنار فليس مفسدة أيضا لأن الإخبار إن كان للجاهل كأبي لهب انتفت المفسدة فيه لأنه لا يعلم صدق إخباره تعالى فلا يدعوه ذلك إلى الاصرار على الكفر وإن كان عارفا كإبليس لم يكن إخباره تعالى بعقابه داعيا إلى الاصرار على الكفر لأنه يعلم أنه بإصراره عليه يزداد عقابه فلا يصير مغرى عليه.
قال: ويقبح منه تعالى (1) التعذيب مع منعه دون الذم.
أقول: المكلف إذا منع المكلف عن اللطف قبح منه عقابه لأنه بمنزلة الأمر