كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤٧
تدل على أنها من عند الله تعالى ثم من المعلوم تفاوت أشخاص الناس في قبول الخير والشر والرذائل والنقصان والفضائل بحسب اختلاف أمزجتهم وهيئات نفوسهم فوجب أن يكون هذا الشارع مؤيدا لا يعجز عن أحكام شريعته في جمهور الناس بعضهم بالبرهان وبعضهم بالوعظ وبعضهم بتأليف القلب وبعضهم بالزجر والقتال ولما كان النبي لا يتفق في كل زمان وجب أن يبقى السنن المشروعة إلى وقت اضمحلالها واقتضاء الحكمة الإلهية تجديد غيرها ففرضت عليهم العبادات المذكرة لصاحب الشرع وكررت عليهم حتى يستحكم التذكر بالتكرير فيحصل لهم من تلقي الأوامر والنواهي الإلهية منافع ثلاث (أحديها) رياضة النفس باعتبار الامساك عن الشهوات ومنعها عن القوة الغضبية المكدرة لصفاء القوة العقلية (الثانية) تعويد النفس النظر في الأمور الإلهية والمطالب العالية وأحوال المعاد والتفكر في ملكوت الله تعالى وكيفية صفاته وأسمائه وتحقق فيضان الموجودات عنه تعالى متسلسلة في الترتيب الذي اقتضته الحكمة الإلهية بالبراهين القطعية الخالصة عن شبهات المغالطة (والثالثة) تذكرهم ما وعدهم الشارع من الخير والشر الأخرويين بحيث ينحفظ النظام المقتضي للتعادل والترافد ثم زاد الله تعالى لمستعملي الشرائع الأجر والثواب في الآخرة فهذه مصالح التكليف عند الأوايل.
قال: وواجب لزجره عن القبائح.
أقول: هذا مذهب المعتزلة وأنكرت الأشاعرة ذلك والدليل على وجوب التكليف أنه لو لم يكلف الله تعالى من كملت شرائط التكليف فيه لكان مغربا بالقبيح والتالي باطل لقبحه فالمقدم مثله بيان الشرطية إن الله تعالى إذا أكمل عقل الإنسان وجعل فيه ميلا إلى القبيح وشهوة له ونفورا عن الحسن فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح والمؤاخذة على الاخلال بالواجب وفعل
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»