كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٢
أقول: للألم سببان (أحدهما) تفرق الاتصال فإن مقطوع اليد يحس بالألم بسبب تفرق اتصالها عن البدن وقد نازع في ذلك بعض المتأخرين بأن التفرق عدمي فلا يكون علة للوجودي وفيه نظر لأن التفرق ليس عدما محضا فجاز التعليل به على أن التفرق إنما كان علة بالعرض فإن العلة بالذات إنما هي سوء المزاج (الثاني) سوء المزاج المختلف لأن الحمى توجب الألم ولا تفرق هناك وإنما قلنا المختلف لأن سوء المزاج المتفق لا يقتضي التألم.
قال: وكل منهما حسي وعقلي وهو أقوى.
أقول: يريد قسمة الألم واللذة بالنسبة إلى الحس والعقل وذلك لأن جماعة أنكروا العقلي منهما والحق خلافه فإنا نلتذ بالمعارف وهي لذات عقلية لا تعلق للحس بها ونتألم بفقدانها بل هذه اللذة أقوى من اللذة الحسية ولهذا كثيرا ما نترك اللذة الحسية لأجل اللذة الوهمية لا العقلية فكيف العقلية وأيضا فإن الحس إنما يدرك ظواهر الأجسام ولا تعلق له بالأمور الكلية والعقل يدرك باطن الشئ ويميز بين الذاتيات والعوارض ويفرق بين الجنس والفصل فيكون إدراكه أتم فتكون اللذة فيه أقوى.
المسألة الخامسة والعشرون: في الإرادة والكراهة قال: ومنها الإرادة والكراهة وهما نوعان من العلم.
أقول: من الكيفيات النفسانية الإرادة والكراهة وهما نوعان من العلم بالمعنى الأعم وذلك لأن الإرادة عبارة عن علم الحي أو اعتقاده أو ظنه بما في الفعل من مصلحة والكراهة علمه أو ظنه أو اعتقاده بما فيه من المفسدة - هذا مذهب جماعة - وقال آخرون إن الإرادة والكراهة زائدتان على هذا العلم مترتبتان عليه لأنا نجد من أنفسنا ميلا إلى الشئ أو عنه مترتبا على هذا العلم وهو يفارق الشهوة فإن المريض يريد شرب الدواء ولا يشتهيه.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»