كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦١
لعدم العلم بصدقه حينئذ ولا وجوب عقلي فينتفي الوجوب على تقدير الوجوب السمعي (إذا عرفت هذا) فنقول قوله ولوجوب ما يتوقف عليه العقليان أشار بلفظة ما إلى المعرفة والعقليان أشار به إلى وجوب الشكر ووجوب دفع الخوف عن النفس وقوله وانتفاء ضد المطلوب على تقدير ثبوته يشير به إلى انتفاء الوجوب السمعي الذي هو ضد المطلوب لأن المطلوب هو الوجوب العقلي وضده الوجوب السمعي وقوله على تقدير ثبوته يعني لو فرض الوجوب سمعيا لم يكن واجبا فهذا ما فهمناه من كلامه في هذا الموضع وإما الأشعرية فقد احتجوا بوجهين (الأول) قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا نفى التعذيب بدون البعثة فلا يكون النظر واجبا قبلها (الثاني) لو وجب النظر لوجب إما لفائدة عاجلة والواقع مقابلها (1) أو آجلة وحصولها ممكن (2) بدون النظر فتوسط النظر عبث وكذا لم يكن الفائدة ثم قالوا ما ألزمتمونا به من الافحام على تقدير الوجوب السمعي لازم لكم على تقدير الوجوب العقلي لأن وجوب النظر وإن كان عقليا إلا أنه كسبي فالمكلف إذا جائه النبي وأمره باتباعه كان له أن يمتنع حتى يعرف صدقة ولا يعرفه إلا بالنظر والنظر لا يجب عليه بالضرورة بل بالنظر فقبل النظر لا يعرف وجوبه فله أن يقول لا أنظر حتى أعرف وجوب النظر وذلك يستلزم الافحام أيضا والجواب عن الأول التخصيص وهو حمل نفي التعذيب المتوقف على الرسالة على ترك التكليف السمعي أو يأول الرسول

(١) أي مقابل العاجلة يعني أن الإنسان إذا اعتقد وحصل له اليقين امتنع عن المحرمات ولم يمتنع عن المحرمات بخلاف ما لم يكن له يقين بالآخرة تمتع بأكثر المحرمات إذ الإنسان بسبب النظر ومعرفته بالله يستنكف عن كثير من اللذات الدنيوية التي لولا المعرفة لتمتع بها.
(2) بأن يثيب الله عباده في الآخرة ابتداء من دون أن يعملوا بالواجبات ويتركوا المحرمات أقول هذه الحكمة فلا يقع من الحكيم نعم إن لله تعالى فضلا وزيادة كثيرة على أجور العباد التي جعل لهم جزاء من الحكيم تعالى.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»