كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٧
أقول: لما فرغ من البحث عن الكيفيات النفسانية شرع في الكيفيات المختصة بالكميات ونعني بها الكيفية التي تعرض للكمية أولا وبالذات وللجسم ثانيا وبالعرض واعلم أن الكم على قسمين متصل ومنفصل أما المتصل فقد يعرض له الكيف مثل الاستقامة والاستدارة والانحناء والتقعير والتقبيب والشكل والخلقة وأما المنفصل قد يعرض له أيضا أنواع أخر من الكيف كالزوجية والفردية وغيرهما.
قال: فالمستقيم أقصر الخطوط الواصلة بين نقطتين وكما أنه موجود فكذا الدائرة.
أقول: رسم ارشميدس الخط المستقيم (1) بأنه أقصر خط يصل بين نقطتين لأن كل نقطتين يمكن أن يوصل بينهما بخطوط غير مستقيمة مختلفة في الطول والقصر وبخط واحد مستقيم وهو أقصرها (إذا عرفت هذا) فنقول الخط المستقيم موجود بالضرورة أما الدائرة وهي سطح مستو محيط به خط واحد في داخله نقطة كل الخطوط المستقيمة الخارجة منها إلى المحيط متساوية فقد اختلف الناس في وجودها فالذين أثبتوا ما لا ينقسم من ذوات الأوضاع نفوها والباقون أثبتوها وهو اختيار المصنف لأن الدائرة المحسوسة (2) موجودة فإذا وصلنا بين المركز المحسوس منها وبين المحيط بخط ثم نقلنا طرف الخط الذي

(1) قوله الخط المستقيم، بيان ذلك: أنه لو فرض نقطتان أمكن إيصالهما بخطوط كثيرة منحنية ومتكسرة ومستقيمة لكن أقصرها الخط المستقيم كما هو بديهي والمناقش في ذلك كما عن بعض القدماء وأهل الغرب فعلا في هذا التاريخ قرن العشرين تصادم للبداهة.
(2) فكذا الدائرة وهي على ما عرفوها بسطح مستو يحيط به خط واحد يفرض في داخله نقطة تسمى المركز وتكون بحيث يتساوى جميع الخطوط المستقيمة الواصلة وبين ذلك الخط المحيط وبعبارة أخرى فكما لا شك في وجود الخط المستقيم وكما أنه موجود فالدائرة أيضا موجودة.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»