كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦٠
الشئ لا يطلبه والنظر نوع من الطلب.
قال: ولوجوب ما يتوقف عليه العقليان وانتفاء ضد المطلوب على تقدير ثبوته كان التكليف به عقليا.
أقول: اختلف الناس في وجوب النظر هل هو عقلي أو سمعي فذهبت المعتزلة إلى الأول والأشاعرة إلى الثاني أما المعتزلة فاستدلوا على وجوب النظر عقلا بأن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا ولا تتم إلا بالنظر وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب فهيهنا ثلاث مقدمات (إحديها) أن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا واستدلوا على ذلك بوجهين (الأول) أن معرفة الله تعالى دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف وغيره ودفع الخوف واجب عقلا (الثاني) أن شكر الله تعالى واجب لأن نعمه على العبد كثيرة والمقدمتان ضروريتان والشكر لا يتم إلا بالمعرفة ضرورة (الثانية) أن معرفة الله تعالى لا تتم إلى بالنظر وذلك قريب من الضرورة إذ المعرفة ليست ضرورية قطعا فهي كسبية ولا كاسب سوى النظر إذ التقليد يستند إليه وتصفية الخاطر إن انفكت من ترتيب المقدمات لم يحصل منها علم بالضرورة (الثالثة) أن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب وإلا لخرج الواجب المطلق عن كونه واجبا أو لزم تكليف ما لا يطاق لأن الشرط إذا لم يكن واجبا جاز تركه فحينئذ أما أن يجب على المكلف المشروط أولا والثاني يلزم منه خروجه عن كونه واجبا مطلقا والأول يلزم منه تكليف ما لا يطاق إذ وجوب المشروط حال عدم الشرط إيجاب لغير المقدور وهو محال فثبت أن وجوب النظر عقلي ولا يجب سمعا خاصة وإلا لم يجب والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية إن النظر إذا لم يجب إلا بالسمع لزم إقحام الأنبياء لأن النبي إذا جاء إلى المكلف وأمره باتباعه لم يجب على المكلف الامتثال حق يعلم صدقه ولا يعلم صدقه إلا بالنظر فإذا امتنع المكلف من النظر حتى يعرف وجوبه عليه لم يجز استناد الوجوب إلى النبي
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»