كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦٦
أقول: هذه المسألة وما بعدها من تتمة مباحث التعقل وقد ادعى هيهنا أن التعقل والتجرد متلازمان يعني أن كل عاقل مجرد (1) وبالعكس (أما الأول) فاستدل عليه بعد ما تقدم (2) بأن التعقل حال في ذات العاقل فذلك المحل إما أن ينقسم أو لا والثاني هو المراد والأول باطل لأن انقسام المحل يستدعي انقسام الحال إذا الحال إما أنه يحل بتمامه في جزئي المحل أو في أحد جزئيه أو لا يحل في شئ منه والأول يلزم منه الانقسام إن كان الحال في أحد الجزئين غير الحال في الآخر أو تعدد الواحد إن اتحدا (3) والثاني يفيد المطلوب والثالث خلاف الفرض فإذا ثبت ذلك فالجزءان إما أن يتشابها أو يختلفا والأول يستلزم وجود المقدار لما فرض مجردا والثاني يستلزم وجود ما لا يتناهى من الأجزاء للصورة العقلية وذلك بحسب ما في المحل من الانقسامات الممكنة.
قال: ولاستلزام التجرد صحة المعقولية المستلزمة لإمكان المصاحبة.
أقول: هذا دليل الحكم الثاني وهو أن كل مجرد عاقل وتقريره أن كل مجرد فإنه يصح أن يكون معقولا بالضرورة إذا العائق عن التعقل إنما هو المادة لا غير وكلما صح أن يكون معقولا (4) وحده صح أن يكون معقولا مع غيره وهو قطعي فإذن كل

(1) يعني أن كل عاقل مجرد وكل مجرد عاقل والتعقل عبارة عن إدراك شئ لم يعرضه العوارض الجزئية التي تلحقه بسبب المادة في الوجود الخارجي من الكم والكيف والأين والوضع إلى غير ذلك والتجرد عبارة عن كون الشئ بحيث لا يكون مادة ولا مقارنا للمادة مقارنة الصور والأعراض. أما أن كل عاقل مجرد فلأن التعقل إنما يكون بارتسام صورة المعقول في العاقل وكل ما هو محل لصورة المعقول فهو مجرد لأنه لو كان ماديا لكان منقسما ويلزم من انقسامه انقسام الحال.
(2) في الفصل الرابع من مسألة الخامسة من تجرد النفس الناطقة.
(3) إن كان الحال في أحد الجزئين عين الحال في الجزء الأخير.
(4) فإذن يصح أن يقارن معقول معقولا أي يصح أن يقارن مجرد مجردا في العقل إذ كل معقول مجرد فإذا ثبت صحة هذه المقارنة أي إمكانها فيقول إمكان هذه المقارنة لا يتوقف على وجودها إذ إمكان الشئ متقدم على وجوده.
(٢٦٦)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»