كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٥٠
أقول: ذكر الشيخ أبو علي أن للتعقل ثلاث مراتب (الأولى) أن يكون بالقوة المحضة وهو عدم التعقل عما من شأنه ذلك (الثانية) أن يكون بالفعل التام كما إذا علم الشئ علما تفصيليا (الثالثة) العلم بالشئ إجمالا كمن علم مسألة ثم غفل عنها ثم سئل عنها فإنه يحضر الجواب عنها في ذهنه وليس ذلك بالقوة المحضة لأنه في الوقت عالم باقتداره على الجواب وهو يتضمن علمه بذلك الجواب وليس علما بها على جهة التفصيل وهو ظاهر.
المسألة التاسعة عشرة: في كيفية العلم بذي السبب قال: وذو السبب إنما يعلم به كليا (1).
أقول: إعلم أن الشئ إذا كان ذا سبب فإنه إنما يعلم بسببه لأنه بدون السبب ممكن وإنما يجب بسببه فإذا نظر إليه من حيث هو هو لم يحكم العقل بوقوعه ولا بعدمه وإنما يحكم بأحدهما إذا عقل وجود السبب أو عدمه فذو السبب إنما يحكم بوجوده أو عدمه بالنظر إلى سببه إذا ثبت هذا فإن ذا السبب إنما يعلم كليا لأن كونه صادرا عن الشئ تقييد له بأمر كلي أيضا وتقييد الكلي بالكلي لا يقتضي الجزئية، وتحقيق هذا أنك إذا عقلت كسوفا شخصيا من جهة سببه وصفاته الكلية التي يكون كل واحد منها نوعا مجموعا في شخصه كان

(1) وذو السبب أي المعلول إنما يعلم به كليا وفي هذا إشارة إلى أمرين الأول أن العلم بشئ ذا سبب لا يمكن إلا بعد العلم بسببه إذ الشئ ذو السبب ممكن فإذا نظر إليه من حيث هو مع قطع النظر عن سببه امتنع الجزم برجحان أحد طرفيه على الآخر وإنما يحكم بأحدهما إذا عقل وجود السبب أو عدمه الثاني إن العلم به جزئيا بل إنما هو علم كلي فلو علمنا أن النار علة للإحراق كان علمنا بالإحراق الكلي لا الجزئي لأن نفس تصور الاحراق لا يمنع عن وقوع الشركة وكذلك علمنا بصدوره عن النار لا يمنع الشركة وسره أن الشئ ما لم يجب لم يتشخص إذ تقيد الكلي بألف كلي لا يوجب الجزئية إذ لا يرتفع احتمال الشركة.
(٢٥٠)
مفاتيح البحث: السب (5)، المنع (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»