كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٧
أقول: هذا هو الوجه الثالث وتقريره أن النفوس البشرية تقوى على ما لا تقوى عليه المقارنات للمادة فلا تكون مادية لأنها تقوى على ما لا يتناهى لأنها تقوى على تعقلات الأعداد الغير المتناهية وقد بينا (1) أن القوة الجسمانية لا تقوى على ما لا يتناهى فتكون مجردة وفيه نظر لأن التعقل قبول لا فعل وقبول ما لا يتناهى في الجسمانيات ممكن.
قال: ولحصول عارضها بالنسبة إلى ما يعقل محلا منقطعا أقول: هذا هو الوجه الرابع وتقريره أن النفس لو حلت جسما من قلب أو دماغ لكانت دائمة التعقل له أو كانت لا تعقله البتة والتالي باطل بقسميه فكذا المقدم بيان الشرطية إن القوة العاقلة إذا حلت في قلب أو دماغ لم يخل إما أن تكفي صورة ذلك المحل في التعقل أو لا تكفي فإن كفت لزم حصول التعقل دائما لدوام تلك الصورة للمحل وإن لم تكف لم تعقله البتة لاستحالة أن يكون تعقلها مشروطا بحصول صورة أخرى لمحلها فيها وإلا لزم اجتماع المثلين وأما بطلان التالي فظاهر لأن النفس تعقل القلب والدماغ في وقت دون وقت ولنرجع إلى ألفاظ الكتاب فقوله (ره) ولحصول عارضها يعني بالعارض التعقل وقوله بالنسبة إلى ما يعقل محلا منقطعا أي ولحصول العارض وهو التعقل بالنسبة إلى ما يعقل محلا من قلب أو دماغ حصولا منقطعا لا دائما.
قال: ولاستلزام استغناء العارض استغناء المعروض.
أقول: هذا وجه خامس يدل على تجرد النفس العاقلة وتقريره: إن النفس تستغني في عارضها وهو التعقل عن المحل فتكون في ذاتها مستغنية عنه لأن استغناء العارض يستلزم استغناء المعروض لأن العارض محتاج إلى المعروض فلو كان المعروض محتاجا إلى شئ لكان العارض أولى بالاحتياج إليه فإذا استغنى العارض وجب استغناء المعروض وبيان استغناء التعقل عن المحل إن النفس تدرك

(1) في المسألة الثانية عشرة من الفصل الثالث من المقصد الأول.
(١٩٧)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»