كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٧٣
انفعاله أو يقترنا ويلزم من الأول (1) صيرورة المغلوب غالبا وهو محال ومن الثاني كون الشئ الواحد غالبا ومغلوبا دفعة واحدة وهو محال فلم يبق إلا أن يكون الفاعل في كل واحد منهما غير المنفعل فقيل الفاعل هو الصورة والمنفعل هو المادة وينتقض بالماء الحار إذا مزج بالبارد واعتدلا فإن الفعل والانفعال بين الحار والبارد هناك موجود مع أنه لا صورة تقتضي الحرارة في الماء البارد وقيل الفاعل هو الكيفية والمنفعل هو المادة مثلا يفعل حرارة الماء الحار في مادة الماء البارد فتكسر البرودة التي هي كيفية البارد وتحصل كيفية متشابهة متوسطة بين الحرارة والبرودة هي المزاج وهذا اختيار المصنف وفيه نظر (2) لأن المادة المنفعلة إنما تنفعل في كيفية الفاعلة لا في غيرها ويعود البحث من كون المغلوب بحيث يصير غالبا أو اجتماع الغالبية والمغلوبية للشئ الواحد في الوقت الواحد بالنسبة إلى شئ واحد وهو باطل.
قال: مع حفظ صور البسائط.
أقول: نقل الشيخ في هذا الموضوع في كتاب الشفا إن هيهنا مذهبا غريبا عجيبا وهو أن البسائط إذا اجتمعت وتفاعلت بطلت صورها النوعية المقومة لها وحدثت صورة أخرى نوعية مناسبة لمزاج ذلك المركب واحتجوا بأن العناصر لو بقيت على طبائعها حتى اتصفت الجزء الناري مثلا بالصورة اللحمية

(1) لو فرضنا الفاعل والمنفعل في كل من العناصر الأربعة شيئا واحدا.
(2) لأن المادة لا تتغير ولا تستحيل عن كونها مادة إذ هي باقية بحالها أولا وأخيرا بل إنما تنفعل في الكيفية الفاعلة التي هي الحرارة الفاعلة في مادة الماء البارد مثلا بمعنى أن الحرارة تستحيل من الشدة إلى الضعف وتنكسر سورتها ومدتها وكذا الحال في مادة الماء البارد فالفاعل والمنفعل في الحقيقة والواقع هما الحرارة والبرودة في آن واحد يلزم الشئ الواحد غالبا ومغلوبا.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»