كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٨
مساويه ومنه مفارق تحل فيه الأجسام ويلاقيها بجملتها وبداخلها بحيث ينطبق على بعد المتمكن ويتحد به ولا امتناع لخلوه عن المادة.
أقول: لما فرغ من بيان ماهية المكان شرع في الجواب عن شبهة مقدرة تورد على كون المكان بعدا وهي أن المكان لو كان هو البعد لزم اجتماع البعدين والتالي محال فالمقدم مثله بيان الشرطية إن المتمكن له بعد فإن بقيا معا لزم الاجتماع والاتحاد إذ لا يزيد بعد الحاوي عند حلول المحوي وإن عدم أحدهما كان المعدوم حالا في الموجود أو بالعكس وهما محالان وأما بيان استحالة التالي فضروري لما تقدم من امتناع الاتحاد ولأن المعقول من البعد الشخصي إنما هو البعد الذي بين طرفي الحاوي فلو تشكك العقل (1) في تعدده لزم السفسطة وتقرير الجواب أن البعد ينقسم إلى قسمين أحدهما بعد مقارن للمادة وحال فيها وهو البعد المقارن للجسم والثاني مفارق للمادة وهو الحاصل بين الأجسام المتباعدة والأول يمانع مساويه يعني البعد المقارن للمادة أيضا فلا يجامعه لاستحالة التداخل بين بعدين مقارنين والثاني لا يستحيل عليه مداخلة بعد مادي بل يداخله ويطابقه ويتحد به وهو محل الجسم المداخل بعده له فلا امتناع في هذه التداخل والاتحاد لأن هذا البعد خال عن المادة.
قال: ولو كان المكان سطحا لتضادت الأحكام.
أقول: لما بين حقيقة المكان شرع في إبطال مذهب المخالفين القائلين بأن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي وتقرير البطلان إن المكان لو كان هو السطح لتضادت الأحكام الثابتة للجسم الواحد فإن الحجر الواقف في الماء والطير الواقف في الهواء يفارقان سطحا بعد

(1) يعني لو تشكك إنسان من أن هذا البعد الذي بين أطراف الحاوي هل هو واحد أو متعدد لزم السفسطة لأن البديهة تشهد بأنه واحد.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»