السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) (1) فإن من العجائب المودعة في بنية الإنسان أن كل عضو من أعضائه له قوى أربعة جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة.
أما الجاذبة: فحكمتها أن البدن لما كان دائما في التحليل افتقر إلى جاذبة تجذب بدل ما يتحلل منه.
وأما الماسكة: فلأن الغذاء المجذوب لزج، والعضو أيضا لزج فلا بد له من ماسكة حتى تفعل فيه الهاضمة.
وأما الهاضمة: فلأنها تغير الغذاء إلى ما يصلح أن يكون جزءا للمغتذي.
وأما الدافعة: فهي التي تدفع الغذاء الفاضل مما فعلته الهاضمة المهيأ لعضو أخر إليه، وأما أن كل من فعل الأفعال المحكمة المتقنة فعالم، فهو بديهي لمن زاول الأمور وتدبرها.
قال: (وعلمه يتعلق بكل معلوم لتساوي نسبة جميع المعلومات إليه لأنه حي، وكل حي يصح أن يعلم كل معلوم، فيجب له ذلك، لاستحالة افتقاره إلى غيره).
أقول: الباري تعالى عالم بكل ما يصح أن يكون معلوما، واجبا كان أو ممكنا، قديما كان أو حادثا، خلافا للحكماء حيث منعوا من علمه بالجزئيات على وجه جزئي، لتغيرها المستلزم لتغير العلم الذاتي.
قلنا المتغير هو التعلق الاعتباري لا العلم الذاتي.
والدليل على ما قلناه أنه يصح أن يعلم كل معلوم فيجب له ذلك.