الثانية: إن إرادته ليست زائدة على ما ذكرناه، وإلا لكانت إما معنى قديما كما قالت الأشاعرة فيلزم تعدد القدماء، أو حادثا، فأما في ذاته كما قالت الكرامية فيكون محلا للحوادث وهو باطل كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأما في غيره فيلزم رجوع حكمه إلى الغير لا إليه، وإما لا في محل كما تقول المعتزلة ففيه فسادان:
الأول: يلزم منه التسلسل، لأن الحادث مسبوق بإرادة المحدث فهي إذن حادثة وننقل الكلام إليه ويتسلسل.
الثاني: استحالة وجود صفة لا في محل.
قال: (الخامسة: أنه تعالى مدرك لأنه حي فيصح أن يدرك وقد ورد القرآن بثبوته له فيجب إثباته له).
أقول: قد دلت الدلائل النقلية على اتصافه تعالى بالإدراك وهو زائد على العلم فإنا نجد تفرقة ضرورة بين علمنا بالسواد والبياض والصوت الهائل والحسن وبين إدراكنا لها، وتلك الزيادة راجعة إلى تأثر الحاسة، لكن قد دلت الدلائل العقلية على استحالة الحواس والآلات عليه تعالى فيستحيل ذلك الزائد عليه فإدراكه هو علمه تعالى حينئذ بالمدركات.
والدليل على صحة اتصافه به هو ما دل على كونه عالما بكل المعلومات من كونه حيا فيصح أن يدرك، وقد ورد القرآن بثبوته له فيجب إثباته له فإدراكه هو علمه بالمدركات، وذلك هو المطلوب.
قال: (السادسة: أنه تعالى قديم، أزلي: باق، أبدي، لأنه واجب الوجود، فيستحيل العدم السابق واللاحق عليه).
أقول: هذه الصفات الأربع لازمة لوجوب وجوده.
فالقديم والأزلي: هو المصاحب لمجموع الأزمنة المحققة والمقدرة