التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٣٨
وهكذا ينبغي أن يفهم تجدد الخلق مع الآنات، لا كما ذهب بعض الأعلام إليه من أن الطبيعة الجسمية ذاتها سيالة بمعنى أنها نفس الحركة والسيلان (1) ولا كما زعم بعض المتصوفة من أن المتبدل هو الوجودات كلها قوله: ولا كما زعم بعض المتصوفة... إلى آخره.
ما ذكره ذلك البعض له وجه صحيح موافق لمشرب رحيق عرفاني ومأخذ تحقيقي إيماني، وهو أن القيوم بالذات والثابت بجميع الجهات، الذي لا طريق للتغيير في كبرياء قدسه، ولا أثر للتبديل حول حريم أنسه، هو الذات الأحدية جل برهانه وعظم شأنه وسلطانه، وأما الموجودات الإمكانية فهي بالجهات المنتسبة إليه تعالى كذلك، وأما بجهات نفسياتها وحيثيات ذاتها فهي متغيرات الهوية متبدلات الماهية والحقيقة من الليس إلى الأيس، بل سلسلة الموجودات بقضها وقضيضها وأوجها وحضيضها دائمة التبدل متصلة التغير في انوجاد وانعدام بحسب حكومة الأسماء الإلهية، فإن الله تعالى بحسب اسم * (كل يوم هو في شأن) * (2) يخرج الموجودات من الليس إلى الأيس ومن الأيس إلى الليس.
وأيضا إن مراتب الوجود من الغيب والشهود لها بسط ببسط بساط الرحمة الرحمانية والرحيمية تحت حكومة اسم * (الرحمن الرحيم) * وقبض بجمع هذا البساط تحت تصرف اسم * (الواحد القهار) * (3) وأمثال ذلك من الحركات والتبدلات التي للموجودات دون مبدئها وللمبدعات دون مبدعها، وليست هذه الحركات التي عرفتها مختصة بعالم المادة والماديات وسلسلة السافلات من القاطنين في موطن الزمان والزمانيات، فتبصر ولا تخلط بين المشارب فإن لكل قوم لسانا ولكل كلام مع

١ - أصول المعارف للفيض الكاشاني: ٨٥.
٢ - الرحمن: ٢٩.
٣ - الرعد: ١٦.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 135 136 137 138 139 140 141 143 144 ... » »»
الفهرست